تلاميذ معهد 02مارس بالرديف يتضورون جوعا
رحاب مبروكي
قطع من الخبز بالكاد توزّع بين التلاميذ و قليل من المصبرات (الهريسة والسردين والجبن) وسط “سندويتشات” يتيمة، هذا كل ما أجاد به المطعم المدرسي بمعهد 02مارس بالرديف على مرتاديه اليوم. ينعكس المشهد في أعين التلاميذ، بين نظرات تنم عن تقزز وإعتراض عن الأكل وبين شفاه مشققة جراء تضرع مرارة الجوع منذ الصباح، فالمعركة الآن قائمة بين إسكات البطون الخاوية وغض البصر عن صورة الأكل. عشرات من الأطباق الحديدية إهترأت جوانبها وتشققت لتغدو مرتعا لأنواع من البكتيريا، التي تراكمت لتشكل خطوطا تميل إلى اللون الرمادي، تظل لليوم السابع فارغة والسبب أن الديوان المدرسي بقفصه لم يقدم المؤونة اللازمة لتأمين المعهد الوجبة المدرسية لكل من تلاميذ السقدود وتبديت والمقدر عددهم بحوالي 120 تلميذ.
في هذا التقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نسلط الضوء على غياب الرقابة على سير المطاعم المدرسية وعدم قيام الأطراف الموكول لها قانونيا مهمة تأمين حق التلاميذ في وجبة صحية وسليمة بالمعاهد.
من ينتفع بخدمة الإطعام المدرسي ؟
ينتفع تلاميذ المناطق الريفية بخدمة الإطعام المدرسي، التي توفرها وزارة التربية ممثلة في ديوان الخدمات المدرسية. وتتمثل مهمة الديوان بمقتضى الأمر الحكومي الصادر في ماي 2016[1] بالإشراف على سير المطاعم والمبيتات المدرسية ودعمها والسهر على تحسين ظروف الإقامة فيها. ومن بين المهام الموكولة له تأمين تقديم خدمات الأكلة والإقامة بالمبيتات المدرسية وفق الجودة المطلوبة. ورغم تنصيص المشرع التونسي على هذا الأمر إلا أنها تبقى شكلية بالنسبة لنا إذ تنتفي جدواها وتبقى حبرا على ورق لطالما أن هناك وجها آخر لواقع مغاير لا يمت بصلة إلى ما تم التنصيص عليه.
ظروف تغذية سيئة لتلاميذ المعهد
على امتداد صف طويل من العشرات من التلاميذ الذين بقفون منتظرين للظفر بوجبة تسد رمقهم، تمتد فصول معاناة أبناء السقدود وتبديت الذين يزاولون تعليمهم بمعهد 02مارس بسبب تردي الأكل المقدم، والذي يفتقر إلى جميع المواصفات الغذائية والصحية المتفق عليها ما أدى في كثير من الأحيان إلى حصول حالات تسمم وذلك في ظل غياب كلي للرقابة على المطاعم المدرسية. ويمثل سوء خدمات التغذية المقدمة في المعهد سببا من أسباب الانقطاع المدرسي الذي تشكو هذه المناطق من تفاقمه في السنوات الأخيرة، نظرا إلى الظروف السيئة التي يعيش على وقعها التلاميذ داخل أسوار المعهد من إقامة وأكل بالنسبة لأبناء منطقة السقدود، أما قرية تبديت فقد يقضي تلاميذها يوما كاملا داخل المعهد بسبب بعد المسافة بينه وبين مقر سكناهم ما يجعلهم مجبرين على قبول وجبه غير صحية. قد يبدو الأمر مريرا بالنسبة لهم، لكنه أفضل حال من شراء وجبة مكلفة من الخارج.
أولياء التلاميذ يحتجون بسبب رداءة الأكل المقدم !
بتاريخ 20 سبتمبر 2023 نفذ أولياء التلاميذ وقفة احتجاجية للتعبير عن غضبهم بسبب تقصير الديوان في تأمين الحق في الأكل المدرسي وتنديدا بعدم تقديم وجبات ذات قيمة غذائية إضافة إلى أنها لا تستجيب للمعايير الصحية.
تقول السيدة رمضانة بن بلقاسم وهي ولية لتلميذ أصيل منطقة السقدود أن إبنها يعاني من حساسية ضد جميع أنواع المصبرات (خاصة الحوت) لكنه مجبر على تناول ما يقدمه مطعم المعهد ما يجعله عرضة للتألم على مستوى المعدة وتضيف محدثتنا »نريد أكلا صحيا لأطفالنا لم نطلب شيئا مستحيلا، فمن غير المعقول تواصل الإهمال بهذا الشكل «
ويطالب الأولياء إدارة المعهد والديوان بضرورة الالتزام لواجباتها وتقديم أكل صحي معبرين عن نيتهم في التصعيد والدخول في إضراب جوع داخل المعهد إذا لم تستجب الجهات المعنية لمطالبهم.
ما يجب القيام به لتحسين الخدمات ؟
بهذه السهولة يتم التغاضي عن صحة التلميذ و إهمال احتياجاته الغذائية ليكون التسمم مآله بسبب تدني جودة الأكل المقدم، وأمام هذه الوضعية اللإنسانية يدعو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ديوان الخدمات المدرسية ومن ورائه وزارة التربية إلى إيجاد حل فوري لوضعية المطعم المدرسي بمعهد 02 مارس بالرديف وذلك بتأمين وجبات غذائية صحية وفق المعايير المعمول بها، كما يؤكد على أن الحق في التعليم في ظروف طيبة يبقى حقا أساسيا لا تنازل عنه. كما ينبه إلى أن هذا الأمر يعتبر مؤشرا خطيرا ينذر ببداية إنهيار المنظومة التربوية العمومية نتيجة غياب التخطيط الواضح و نتيجة لخيارات فاشلة أصبح من الضروري تغييرها حفاظا على المدرسة العمومية التي تبقى في حاجة ماسة إلى التطوير و المراجعة.