يتزامن احياء اليوم العالمي للمرأة الريفية هذه السنة مع مرور أسبوعين تقريبا على أول وقفة احتجاجية وطنية نفذتها عاملات في القطاع الفلاحي. وكانت الوقفة قد جمعت عاملات من مختلف الولايات تحت شعار واحد هو”اعترفوا_بنا”. شعار يلخص مسيرة نضالية بطلاتها نساء يحملن على اعتاقهن وفي كفوفهن وعلى جباههن أعباء ثقلت بثقل الازمة التي يشهدها الاقتصاد الوطني والقطاع الفلاحي بشكل خاص. هي أيضا مسيرة نضالية لنساء قدّمن في محطات كثيرة وبشكل مأساوي شهيدات فاق عددهن الخمسون شهيدة بينما واصلت 710 جريحة حياة الشقاء ومسيرة النضال في ظل ظروف اجتماعية صعبة وغياب لأبسط حقوق الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية.
لقد رفعت المحتجّات يوم 03 أكتوبر مطالب تلخصت في حقهن في الضمان الاجتماعي وفي الأجر اللائق وفي التغطية الصحية وفي نقل آمن. وجمعنها كلها تحت مطلب الاعتراف بهن كيدٍ عاملة لها ما لغيرها من الحقوق الشغلية المنصوص عليها في الصكوك والمعاهدات الدولية وفي القوانين الوطنية. وما فتئت منظمات المجتمع المدني ومدافعي ومدافعات حقوق الانسان تطالب بوقف الانتهاكات التي تعاني منها هذه الفئة من النساء، وبوضع آليات لتطبيق القوانين المناهضة للعنف المسلط عليها. نداءات قوبلت من طرف الجانب الرسمي ومن الحكومات المتعاقبة بالمماطلة وبالقرارات الارتجالية الترقيعية وبالقوانين الفضفاضة كالقانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة والعاملات في القطاع الفلاحي والأمر الحكومي عدد 379 لسنة 2019 المتعلق بأساليب تطبيق القانون عدد 32 لسنة 2002 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي لبعض الأصناف من العملة والعاملات في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي. أو ببرامج وهمية واتفاقيات اطارية على غرار الاتفاقية الاطارية الموقعة في أكتوبر 2018 بين وزارة المرأة ووزارة الفلاحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والرامية الى إرساء آليات خصوصية لتمكين النساء العاملات في الوسط الريفي والقطاع الفلاحي على وجه الخصوص من الانتفاع بالتغطية والاجتماعية. الى جانب عدة برامج أخرى لم ترَ النور ولم يكن لها اي أثر إيجابي على وضعية العاملات، نذكر على سبيل المثال لا الحصر برنامج “احميني” وما رافقه من تعطيلات جعلت من الحل مشكلا ومن الأزمة أزمات.
اليوم، ونحن على مشارف احياء اليوم العالمي للمرأة الريفية الذي نأمل أن يكون موعدا للإعلان عن قرار أو عن برنامج جدي واضح المعالم، لا أن يكون مشهدا مكرّرا لزيارات فولكلورية وخطابات هلامية، فان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
- يدين سياسة التجاهل واللامبالاة التي تنتهجها الحكومة تجاه الفئات الاجتماعية بمختلف اصنافها ومطالبها وتجاه الانتهاكات التي تتعرض لها النساء التونسيات سيما الأكثر هشاشة في المجتمع. ويستغرب حالة الصمت والسلبية التي تعاملت بها كل الوزارات مع تحرك 03 أكتوبر 2022.
- يذكّر كل الوزارات المتدخلة في ملف عاملات القطاع الفلاحي بمسؤولياتها وفق ما نصت عليه جملة القوانين والاتفاقيات المذكور بعضها في النص أعلاه.
- يجدّد دعوته رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة الى عقد مجلس وزاري في أقرب الآجال والإعلان عن خطة عاجلة تتولى فيها كل وزارة مهاما واضحة قابلة للتطبيق من أجل انقاذ العاملات من خطر الشاحنات، وإيقاف نزيف الحوادث وتطبيق القانون عدد 51 لسنة 2019 بوضع آليات تحمي العاملات من الاستغلال والعنف والتمييز.
- ينبه الى ضرورة انقاذ القطاع الفلاحي من حالة الانهيار التي يشهدها وإصلاحه بما يمكن ان ينقذ المستغلات الفلاحية الصغرى من الاندثار ويحمي حقوق اليد العاملة فيها.
- يعلن عن تضامنه المطلق واللامشروط مع كل الاشكال النضالية التي تنتهجها عاملات الفلاحة والنساء جامعات المحار ومساندته لهن بكل الآليات الممكنة من أجل انتزاع حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية.
- يدعو كل المنظمات الحقوقية والشغلية وكل الحساسيات السياسية ومكونات المجتمع المدني وكل نفس حر الى الالتفاف حول مشاغل النساء العاملات في القطاع الفلاحي ودعمهن ميدانيا وإعلاميا وقانونيا للتصدي لكل الانتهاكات التي تتعرض اليها.
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرئيس عبد الرحمان الهذيلي