رسالة مفتوحة الى: المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات المقررة الأممية الخاصة بحرية الرأي والتعبير

رسالة مفتوحة الى:

  • المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات

  • المقررة الأممية الخاصة بحرية الرأي والتعبير

بعد جملة من التحركات والنضالات المتنوعة التي انخرط فيها التونسيات والتونسيون منذ ثورة 14 جانفي، مسنودين في ذلك من طرف مختلف منظمات وفعاليات المجتمع المدني الوطنية والدولية، وقعت المصادقة على دستور 27 جانفي 2014 الذي تتويجا لمختلف المطالب والأصوات المنادية بمناصرة حقوق الانسان والمواطن وبالاعتراف والمصادقة على جملة المعاهدات والمواثيق والصكوك المكرسة لها ويسن جملة الاليات والإصلاحات التشريعية والهيكلية الكفيلة بذلك والضامنة للقطع الفعلي مع النظام الاستبدادي والتسلطي الذي عانى منه الشعب التونسي طيلة عقود من الزمن.

ومثلما كانت الاحتجاجات والتحركات الميدانية والافتراضية عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي وبمختلف أشكالها الوسيلة الأكثر تعبئة للجماهير والطريقة الأنجع لفرض تلك الاصلاحات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية، فقد تواصلت تلك التحركات واتسعت رقعتها جغرافيا وجماهيريا وازدادت تنوعا من حيث الشكل وخاصة من حيث المضامين في اتجاه مزيد الضغط على السلطة لتكريس تلك الحقوق وتفعيل تلك الاصلاحات الكفيلة بحمايتها وبضمان عدم الارتداد عليها، توصلا للتركيز الحقيقي لدولة القانون والمؤسسات

وفي هذا السياق، تتنزل كذلك التحركات الاحتجاجية السلمية التي شهدتها مختلف مناطق البلاد منذ الأسبوع الأول من جانفي سنة 2021 كتعبيرة مواطنية على التمسك بالحق في التظاهر وفي الرأي والتعبير والاحتجاج، وعلى التنديد بتصاعد وتيرة الانتهاكات التي ما انفكت ترتكبها الأجهزة الرسمية للدولة والتي أصبحت تستهدف بشكل صريح الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية المحصنة دستوريا، وذلك كمحاولة من السلطة للتغطية عن فشلها في ادارة مختلف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت تتخبط فيها البلاد والتي عمقتها تداعيات تفشي فيروس كوفيد 19 وعن عجزها في التخفيض من منسوب الاحتقان في صفوفهم وعدم الرضا على الاداء الحكومي في ايجاد الحلول الناجعة لمشاكلهم الحقيقية المتفاقمة وأهمها مشاكل التفاوت التنموي بين الجهات، غياب العدالة الاجتماعية في الانتاج والتوزيع وتفشي ظاهرة الفقر والبطالة…

لقد عرفت الحركات الاجتماعية التي شهدتها مختلف احياء وقرى ومدن البلاد منذ يوم 09/01/2021 تضييقا وقمعا أمنيا شديدين، حيث تجاوز عدد الموقوفين 1700 شخصا ينحدر أغلبهم من الأوساط الاجتماعية والمهنية المهمشة ومن الفئات العمرية الشابة حتى أن نسبة القاصرين منهم بلغت أكثر من 30 بالمائة. وكان ذلك وسط تكتم رسمي غير مسبوق رغم كل مطالب النفاذ للمعلومة التي تقدم بها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية طبق القانون الى كل من وزارتي العدل والداخلية ورغم كل بيانات التنديد والتحذير الصادرة عنه في الغرض .

وقد تميزت تلك الاعتقالات التي قام بها أعوان الشرطة والحرس دون أذون قضائية بطابعها العشوائي حيث أنها استهدفت بعض المواطنين الذين لم يشاركوا أصلا في الاحتجاجات واستهدفت البعض الاخر من منازلهم ومقرات عملهم، كما استهدفت الأطفال القصر فقط بسبب تواجدهم بالطريق العام ومخالفتهم لقانون الطوارئ غير الدستوري. وقد وقع الاحتفاظ بأولئك الأطفال ببعض مخافر الشرطة وبعض مراكز الحجر الصحي دون اعلام أوليائهم ودون اشعار مندوب حماية الطفولة طبق ما تقتضيه مجلة حماية الطفل ودون الاستماع اليهم بحضور أوليائهم.

وبالإطلاع على مختلف محاضر البحث والاحتفاظ التي أنجزها أعوان الضابطة العدلية في الغرض بمختلف الوحدات الأمنية، يتضح جليا انضواؤها على جملة من الاخلالات والخروقات الاجرائية التي وقع ارتكابها من طرفهم بصفة متكررة وممنهجة ومخالفة لأحكام الفصل 13 مكرر جديد من مجلة الاجراءات الجزائية الواقع اتمامها وتنقيحها بموجب القانون الأساسي عدد 05 لسنة 2016 المؤرخ في 16/02/2016. وقد تعلقت تلك الخروقات اجمالا بغياب أي اذن قضائي في الاعتقال وفي دخول المحلات المعدة للسكنى وتفتيشها، وبالاعتداءات المادية واللفظية والمعنوية الجسيمة التي يرتقي بعضها الى مرتبة سوء المعاملة والتعذيب الواقع ممارسته ضد أغلب الموقوفين لحملهم على الامضاء على محاضر بحثهم دون الاطلاع على فحواها، وبعدم اعلام كافة المحتفظ بهم دون استثناء بأسباب ايقافهم ولا بالإجراءات المتخذة ضدهم، وبعدم اشعارهم بحقهم في تكليف محام للدفاع عنهم بحثا وعدم تمكين من طلب منهم ذلك من الاتصال بمحاميه، فضلا عن عدم اعلامهم بحقهم في العرض على الفحص الطبي ولا المبادرة بذلك رغم الأضرار البدنية الجسيمة التي خلفتها الاعتداءات البوليسية على أجسادهم عند اعتقالهم أو عند استنطاقهم…

الى جانب ذلك فقد عمد بعض الأمنيين مسنودين في ذلك ببعض النقابات الأمنية، الى انتهاك المعطيات الشخصية للموقوفين أو لبعض النشطاء المساندين لهم والمطالبين بإطلاق سراحهم، وذلك بعد أن عمدوا الى حجز هواتفهم الجوالة دون اذن قضائي، والى الولوج الى حساباتهم الشخصية وتفتيشها ونسخ البعض من محتوياتها ثم نشرها على الصفحات الخاصة بتلك النقابات أو بالمنتسبين لها سواء للتشهير بهم ووصمهم أو لشيطنة تحركاتهم وتجريمها لدى العموم، الأمر الذي أدى الى وقوع عديد الاعتقالات في صفوف أولئك الناشطين بسبب تدوينات مساندة للتحركات أو منددة بالتعاطي الأمني العنيف معها أو منتقدة للتجاوزات المتكررة للنقابات الأمنية أو مطالبة بإصلاح المؤسستين الأمنية والقضائية.

ومن ناحية أخرى، فان جهاز النيابة العمومية لم يكن بدوره بمنأى عن تلك التجاوزات القانونية وتلك الاخلالات الاجرائية الماسة بالحقوق الشرعية لذوي الشبهة وبحقهم في المحاكمة العادلة. اذ عمد مختلف مساعدي وكلاء الجمهورية بمختلف المحاكم، وبمجرد تعهدهم بمحاضر البحث، الى عدم اعادة سماع المحتفظ بهم مثلما يقتضيه الفصل 13 مكرر آنف الذكر، وعدم معاينة وتدوين آثار العنف البادية على أغلبهم، فضلا عن تعسفهم الجلي في استعمال صلاحية الايقاف والايداع بالسجن بشكل جماعي وإحالتهم على أنظار مختلف المجالس الجناحية في جلسات بعيدة زمنيا.

  • المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات

  • المقررة الأممية الخاصة بحرية الرأي والتعبير

لقد أثبت الشعب التونسي وقواه المدنية والشبابية والاجتماعية الجدارة باستحقاق الحرية والكرامة وأكد تمسكه بمكاسبه الحقوقية ونجحت قواه الحية في تحويلها إلي مبادئ ثبتها دستور 2014 رغم اخفاق النخب السياسية في إنجاز خطوات فعلية تقطع مع الفساد والانتهاكات وتحد من الحيف الجهوي والتهميش الاجتماعي ونحن اليوم إزاء ما تقدم من معطيات نشعر بمخاوف كبرى نتيجة ما يقع من سياسات ممنهحة للارتداد  نحو دولة القمع والتسلط والافلات من العقاب.

تسجيل الدخول إلى Al-Forum

أنشئ حسابك

نحن نستخدم كوكيز

نحن نستخدم ملفات الكوكيز لجعل تجربتك أفضل