رسالة مفتوحة إلى السيد #رئيس_الجمهورية #قيس_سعيد
للمطالبة بمقاربة جديدة لـ #سياسات_التداين
السّيد رئيس الجمهورية،
تحيّة،
وبعد، تعاني البلاد التونسية من تفاقم مفرط في ديونها انجرّ عنه تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي واختلال التوازنات في المالية العمومية من ناحية، وإلى ارتهان سيادة القرار الوطني لدى المؤسسات المالية العالمية من ناحية أخرى.
تحمّل المواطنات والمواطنون طيلة عقود عبء هذه السياسات عبر تدنّي المقدرة الشرائية وتدهور المرافق العمومية الحيوية مما عمّق هوّة الفوارق الاجتماعية وتنامي الفقر، وهو ما برز أكثر إثر الأزمة الصحية المنجرّة عن جائحة كوفيد 19.
أمام تونس فرصة سانحة لإعادة النظر في المنوال الاقتصادي الذي أدى الى هذه الحالة والمعتمد على السياسات التقشفية التي زادت الوضع سوءًا، ولكن استئناف النّقاشات التّقنيّة مع صندوق النّقد الدولي لإعادة تكرار الوصفات التي أثبتت فشلها والمواصلة في نفس السياسات والحلول قصيرة المدى والحينيّة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتكرار فشل الحكومات السابقة.
السّيد رئيس الجمهورية،
نذكركم بتصريحاتكم حول أهمية المحافظة على سيادة القرار الوطني والذي تزداد عرضته للانتهاك نتيجة اتباع سياسات تفرّط في مقوّماته. ومن أبرزها التعويل شبه الآلي على التّداين كلّما تعلّق الأمر بتعبئة موارد الدّولة، ممّا أدّى إلى تضخّم حجم المديونية إلى حدّ غير مقبول.
ونذكّركم أنّ التّداين الخارجي المشروط خاصّة من المؤسسات المالية العالمية وعلى رأسها صندوق النّقد الدولي يكبّل أي إمكانية لوضع برنامج إصلاحات حقيقي يكرّس العدالة الاجتماعية بين الجهات وبين عموم المواطنين والمواطنات.
كما نذكّركم بموقفكم ممّن يخلّون بواجباتهم تجاه الدولة ممّا ينخر مواردها الذاتية ويساهم في تزايد الحاجة الى التداين، علاوة على تحمّل الأجراء والفئات الأكثر هشاشة مجمل العبء الجبائي بينما تنعم شرائح النافذين المتحكمين في الاقتصاد الوطني والمرتهِنين لمؤسسات الدّولة خدمة لمصالحها الذّاتيّة والضّيّقة بمناخ يسوده التهرّب والغشّ الجبائيين.
السّيد رئيس الجمهورية،
آن الأوان لبناء رؤية استراتيجية شاملة ومتكاملة للقطع مع المنوال التنموي الحالي المؤسس على الأنانية الاجتماعية، وانتهاج سياسات بديلة تكرّس سيادة الشّعب وقيم التضامن والتعاون عبر وضع سياسات جبائية عادلة للدولة بإرساء سياسة ضريبية تصاعدية وتعزيز الموارد المّادّية والبشريّة لإدارة الجباية.
سيمكّن القطع مع الخيارات السابقة من تدعيم موارد الدولة دون اللّجوء إلى المؤسسات الدّوليّة المانحة التي ما انفكّت تصدر تصنيفات وإملاءات سياسية للدّول تقوّض سيادتها ونخمد صوتها.
السّيد رئيس الجمهورية،
تتوجه لكم الجمعيات الموقعة للرسالة، والمساهمة في حملة “يزي ما رهنتونا” بدعوة لتبنّي مقاربة تشاركية ورؤية نقدية لسياسات التداين والإصلاحات المرتبطة بها، يكون للمواطن(ة) الدّور الأساسي في تقريرها، عملا بالحقّ الكوني للشّعوب في تقرير مصيرها وتحقيقا للأهداف التي رسمها الشّعب التونسي لنفسه على امتداد عقود من النضالات الاجتماعية تكثّفت خلال ثورة الحرية والكرامة.
السّيد رئيس الجمهورية،
نأمل أن تتفاعلوا مع دعوتنا وأن تصطفوا مع مصالح الشعب التونسي، وأن تأخذوا بعين الاعتبار النتائج الكارثية التي أفرزتها السياسات السابقة والتي وجب القطع معها للانطلاق في الإصلاحات العميقة الضرورية من أجل نظام اقتصادي بديل يقوم على التوزيع العادل للثروات وعلى العدالة الاجتماعية، ويضمن حقوق الأجيال القادمة.