ميزانية 2023 نتاج تغوّل القوى الطفيلية المهيمنة داخليا وضحية ابتزاز صندوق النقد الدولي والقوى الطاغية عالميا
عبدالجليل البدوي
تمر تونس بفترة خطيرة تتميز بأزمة حادة لكل منظومات الإنتاج الفلاحي والصناعي والخدماتي سواء كانت تنتمي للقطاع العام او القطاع الخاص، وباختلال كل التوازنات المالية والحقيقة الكلية وعلى رأسها أزمة المالية العمومية الخانقة. كما تحتد هذه الأزمات في ظرف يتميز بحالة ضياع وطني قائم على تراجع ثقافة التضحية والعمل والتضامن في ظل هيمنة منطق الفردانية والنزعة المادية وثقافة المتاجرة والمقايضة بكل شيء والأنانية المفرطة وطغيان قانون الغاب واكتساح الفساد كل القطاعات بدون استثناء نتيجة تنامي القوى الطفيلية بكل مكوناتها (كناطرية ومافيات ولوبيات…) وتعاملها مع البلاد والدولة والعباد منذ سنوات كغنيمة يقع الفتك بها بدون هوادة وبلا رحمة، الشيء الذي يهدد كل أسس العيش المشترك وشعور الانتماء إلى الوطن ويساهم في طغيان منطق البقاء الذاتي على حساب المجموعة ويقود إلى انتشار الفوضى وغياب الأمن والأمان .
مثل هذه الأوضاع تتطلب اعتماد إجراءات استثنائية وعاجلة يقع العمل بها بكل حزم في إطار قانون طوارئ يمكن السلطة التنفيذية من عديد الصلاحيات لتحقيق إنجازات ملموسة سريعة وكفيلة بإعادة تنشيط الدورة الاقتصادية ونفخ الروح مجددا في المسار التنموي وإعادة الثقة والامل للمواطن التونس ي
وبالخصوص للشباب وللكفاءات. ولتحقيق أكثر نجاعة ومردودية للإجراءات الاستثنائية يجب ان تطبق في إطار قانوني استثنائي واضح وبمساندة شعبية عارمة وواعية بضرورة وأهمية الإجراءات وحريصة على انجاحها بسرعة والمرور الى تأسيس منظومة جديدة قائمة على إعادة الاعتبار لثقافة العمل والتضحية والتضامن والتآزر والاعتماد على الذات قبل كل شيء في إطار بديل تنموي مستدام مدمج عادل وديمقراطي لا يمكن بأي حال ارسائه وتحقيقه خارج تمش ي ارادي في المجال التنموي.