اليوم العالمي للمهاجرين
كلنا مهاجرون … كلنا ضد الابتزاز … كلنا ضد الارهاب
يحيي العالم ذكرى اليوم العالم للمهاجرين في ظرف إقليمي ووطني معقد. ان الهجرة ظاهرة دولية تهم العالم باسره وليست مقتصرة على تونس او التدفقات من دول من الجنوب نحو دول الشمال بل باتت تمس حتى البلدان التي كانت مصدر هجرة فأصبحت بلدان عبور أو استقبال.
ان سياسات الهجرة القائمة على انتهاك حقوق الإنسان والمهاجرين دوليا وإقليميا ووطنيا تؤدّي أكثر فأكثر إلى انتهاك حقوق المهاجرين بصورة منتظمة وممنهجة. فالمهاجرون الذين يعيشون أوضاعًا غير نظاميّة في تونس وغيرها من البلدان يتعرّضون أكثر من غيرهم إلى التمييز والاستغلال والتهميش، وغالبًا ما يعيشون ويعملون في الخفاء، ويخشَون من رفع الشكاوى، كما أنّهم محرومون من حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة ويتعرصون للاحتجاز والترحيل القسري.
شهدت تونس خلال هذه السنة تدفقات هامة نحو السواحل الإيطالية تجاوزت 12700 مهاجرا منذ بداية السنة منهم 1800 قاصرا إضافة الى قصص وماسي لعشرات الضحايا والمفقودين. لقد غذت حالة الإحباط والازمة الاقتصادية والاجتماعية وسياسات التشدد في التأشيرة والدوافع الفردية ومصادرة الحق في التنقل الرغبة في الهجرة وجعلت الالاف من التونسيات فريسة سهلة لشبكات تهريب المهاجرين. واستغل الشريك الأوروبي ودوله ذلك لمضاعفة الضغوطات على تونس ومقايضة المساعدات بمدى التعاون في تشديد الرقابة على الحدود ومزيد التعاون في الترحيل القسري وهو ما نجحت في فرضه على الجانب التونسي الهش وفرضت سياجا الكترونيا بفضل المعدات التقنية المتطورة الممنوحة للجانب التونسي (زوارق سريعة ورادارات وطائرات وأنظمة مراقبة …) مكن من احباط أكثر من 1100 عملية اجتياز ومنع اكثر 13000 مهاجرا من الوصول للسواحل الإيطالية إضافة الى الترفيع في رحلات الترحيل القسري. ان هذا التعاون اللاعادل والذي يكرس الانتهاك يدفع فرنسا واسبانيا لممارسة الضغوط على تونس والحصول على تعاون لتسريع الترحيل على الهوية الذي يرغبون في ممارسته على المهاجرين التونسيين.
نتذكر اليوم ضحايا السياسات اللاعادلة للهجرة في الحوض الأوسط للبحر الأبيض المتوسط ومعاناة عائلات الضحايا والمفقودين. نتذكر اليوم المئات من المهاجرين التونسيين القابعين في مراكز الاحتجاز في إيطاليا واسبانيا في ظروف مهينة للكرامة الإنسانية ويتعرضون لانتهاكات تؤثر على صحتهم وسلمتهم النفسية والعقلية.
ان وضعية المهاجرين التونسيين لا تختلف عن وضعية المهاجرين في تونس وما يتعرضون له من انتهاكات اقتصادية واجتماعية وثقافية (حسب دراسة للمنتدى شملت عينة من 1000 مهاجر 51.1٪ من مجموع أفراد العينة تعرضوا لأعمال عنصرية وكراهية اكد 35.10 ٪ أن الظروف التي يعملون فيها سيئة. حيث أنهم يتعرضون إلى الاستغلال أن 90.3٪ لا يتمتعون بحق التغطية الصحية يمثلون 41٪ من أفراد العينة وبين من وصفوها بالفاشلة والمخيبة للآمال) إضافة الى الاحتجاز في مركز الوردية والترحيل. وعمقت جائحة كوفيد 19 وضعيتهم في ظل قصور الخدمات المقدمة لهم ووصمهم وتنامي القرارات التمييزية بحقهم على غرار ما قام به والي القصرين ووالي مدنين ورفض الحكومة التجاوب مع نداءات المنظمات التونسية لتسوية أوضاعهم.
إن على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء التفكير في مسؤولياتهم وإسهامهم في سياسات الهجرة التقييدية المستندة إلى المقاربات الأمنية التي تؤدي إلى مثل هذه المآسي.
ان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
يدعو الحكومة التونسية الى احترام التزاماتها المتعلقة بالاستجابة للانتظارات المشروعة لعائلات المفقودين في الهجرة غير النظامية وحقها في معرفة مصير أبنائها ووضع حد لهذه المأساة الإنسانية وذلك بما يتطلبه هذا الملف من إرادة سياسية تسخّر الإمكانيات والآليات اللازمة لتركيز هيكل رسمي يعنى بقضية المفقودين في الهجرة غير النظامية.
-
يدعو الى التعليق الفوري لكل الاتفاقات الثنائية غير العادلة في قضايا الهجرة والتي تنتهك حقوق المهاجرين.
-
يدعو لوضع حد لاحتجاز المهاجرين غير النظامين في مراكز الاحتجاز الإيطالية ومركز مليلة بإسبانيا ومركز الوردية بتونس وإطلاق سراح كل المهاجرين وتمكينهم من فرص لتسوية وضعيتهم القانونية
-
يحيي التونسيين بالخارج لما يقدمونه لتونس من أجل حريتها وكرامة كل بناتها وأبنائها في انتظار أن يستجيب صناع القرار لواجب الإحاطة بهم والانصات لتطلعاتهم في المشاركة الفعلية في بناء تونس.
-
يطالب الحكومة بالتمسّك بحماية حقوق مواطنيها مهما كانت وضعيتهم وسيادة قرارها الوطني فيما يخص المفاوضات الجارية مع الاتحاد الأوروبي ودوله وباحترام حرية التنقل وفرض ظروف تفاوض عادلة وندّيّة لا تتأثر بإرادة الطرف المقابل في مقايضة تلك الحقوق بوعود للدعم الاقتصادي مستغلة في ذلك المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تجابهها.
-
يدعو الى وضع الأطر القانونية اللازمة التي تحمي حقوق المهاجرين واللاجئين في تونس طبقا لالتزاماتها الدولية والطلبات الملحة لكافة فعاليات المجتمع المدني والمصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بحقوق المهاجرين منها اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1990 واتفاقيتي منظمة العمل الدولية 97 – 143 .
-
ينبه من خطورة مشروع ميثاق الهجرة الأوروبي وتداعياته على حقوق المهاجرين وعلى مسارات التعاون مع دول الجنوب.
يؤمن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضرورة ألا تطغى الاعتبارات الأمنية على حساب حقوق الإنسان، وأن أية سياسة او تعاون بشأن الهجرة يجب ان تعطي الاولوية لحماية أرواح المهاجرين وحقوقهم الإنسانية، وليس إغلاق الحدود وتصديرها. كما يعتبر أن الهجرة في بعدها الافقي يجب ان يقع تحليل أسبابها العميقة المرتبطة بسياسات التنمية والسلم والعدالة والعمل اللائق وحقوق الانسان والبيئة والنوع الاجتماعي وليس المقاربات المتطرفة والتفسيرات المتسرعة والخاضعة للابتزاز.
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
عبدالرحمان الهذيلي