أعضاء التحالف من أجل العدالة الانتقالية.
إلى:
السيد فابيان سالفيولي
المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار
نسخة إلى: المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي
المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا
المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين
نسخة إلى / الإجراءات الخاصة
مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان
حضرة السيد سالفيولي المحترم،
يود “الائتلاف من أجل العدالة الانتقالية”، الذي شكلته 28 منظمة غير حكومية وطنية ودولية، أن يلفت انتباهكم إلى التهديد الوشيك المُحدق بعملية العدالة الانتقالية في تونس. اطلع الائتلاف مؤخرا على اقتراح لوضع قانون يرمي إلى تفكيك “الدوائر القضائية المتخصصة” (الدوائر المتخصصة) في تونس واستبداله بمؤسسة من شأنها ضمان الإفلات الفعلي من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في تونس بيني 1955 و2013.
يهدف الاقتراح، الذي أعدته وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، ووُزع بسرية على البرلمان لإجراء مشاورات مبكرة مع المجموعات السياسية، إلى إلغاء أحكام “القانون الأساسي المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها لعام 2013” (قانون العدالة الانتقالية) والذي يُنشئ الدوائر المتخصصة وينظم عملها. تتمتع هذه الدوائر، التي أنشئت في 2014، بصلاحية النظر في القضايا المتعلقة بالانتهاكات الحقوقية الجسيمة والمحالة إليها من “هيئة الحقيقة والكرامة” (الهيئة)، والتي أنشأها أيضا قانون العدالة الانتقالية. أحالت الهيئة أكثر من 170 قضية إلى الدوائر المتخصصة بحلول نهاية 2018، وبدأت المحاكمات في عشرات منها. انطلقت أول محاكمة في هذه المحاكم المتخصصة في مدينة قابس في 29 مايو/أيار 2018، وكانت حول الاختفاء القسري لكمال المطماطي، ناشط اعتقلته الشرطة في 1991. نظرت محاكمات أخرى في قضايا تعذيب، اغتصاب، احتجاز تعسفي وقتل تعسفي.
منذ انطلاق هذه المحاكمات، يقوم قضاة الدوائر المتخصصة بمهامهم تحت ضغط شديد وانعدام الأمن لرفض العديد من مسؤولي إنفاذ القانون تأمين المحاكم التي تجري فيها المحاكمات. تواجه الدوائر المتخصصة أيضا صعوبات عديدة في تنفيذ مذكرات اعتقال واستدعاءات للمتهمين والشهود للمثول أمامها.
بدلا من الدوائر المتخصصة، يتضمن الاقتراح إنشاء لجنتين، “لجنة المصالحة” و”لجنة التسوية” التين يجب تزويدهما بجميع الملفات المحالة من لجنة الحقيقة والكرامة. تتألف كل لجنة منهما من 9 أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة الذين لديهم صلاحية عزل الأعضاء أيضا. سيكون للجنتين صلاحية مراجعة الانتهاكات الحقوقية الجسيمة المزعومة وكذلك الجرائم الاقتصادية والمالية وإصدار “قرار مصالحة”، والذي بناء عليها يُصدر الوكلاء العامون في محاكم الاستئناف “شهادة في العفو العام” لإنهاء جميع المحاكمات الجنائية الحالية أو المستقبلية ضد المنسوب إليهم الانتهاك، وحتى إلغاء الأحكام النهائية الصادرة في حالات الانتهاكات الحقوقية والفساد، شريطة أن يقدم مرتكب الانتهاك اعتذارا أمام اللجنة. يبدو أنه لا دور للضحايا في العملية. سيمهد القانون الطريق فعليا لمنح العفو العام لكافة مرتكبي جميع الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي للدوائر المتخصصة صلاحية النظر فيها.
يأتي الاقتراح في فترة بالغة الأهمية للعدالة الانتقالية في تونس. في 26 مارس/آذار 2019، بعد تلقي أكثر من 62 ألف شكوى من الضحايا، نشرت هيئة الحقيقة والكرامة، تقريرا من 5 مجلدات يحلل ويكشف الشبكات المؤسسية التي سهلت ارتكاب الانتهاكات الحقوقية على مدى العقود الخمسة السابقة لقانون العدالة الانتقالية لعام 2013. يتضمن التقرير توصيات عديدة حول الإصلاحات المؤسسية، بما في ذلك قطاع الأمن والقضاء، تهدف إلى ضمان سيادة القانون ومنع العودة إلى الاستبداد والانتهاكات الحقوقية الواسعة النطاق. يخاطر مشروع القانون بالتراجع عن الخطوات المهمة التي اتخذتها تونس نحو العدالة والمساءلة عن الانتهاكات الماضية، ويوفّر الظروف لاستمرار الإفلات من العقاب.
يمثل الاقتراح أحدث محاولة من جانب السلطات التونسية لتقييد العدالة الانتقالية. أعاقت المؤسسات الحكومية عمل الهيئة عبر منع وصولها إلى أرشيف الرئاسة ووزارة الداخلية، وتجاهل طلبات الهيئة المتكررة للحصول على معلومات حول هوية أعوان الأمن الذين يُزعم تورطهم في انتهاكات حقوقية جسيمة. كما ذكرت الهيئة أيضا رفض المحاكم العسكرية التعاون معها.
صوّت البرلمان في مارس/آذار 2018 ضد ممارسة الهيئة لصلاحيتها المتمثلة في تمديد ولايتها سنة واحدة. ورغم التصويت، واصلت الهيئة عملها، وإن كان بصعوبة. اعتمد البرلمان أيضا قانونا حول “المصالحة في المجال الإداري”، بناء على مبادرة رئاسية، أزال بعض الجرائم الاقتصادية من اختصاص الهيئة وكفل العفو العام لبعض فئات المسؤولين السابقين الفاسدين.
محاولة تقويض العدالة الانتقالية تعكس الجو العام السائد للإفلات من العقاب على الانتهاكات الحقوقية في تونس وانعدام الإرادة السياسية لمكافحة هذا الإفلات من العقاب. منذ 2011، أغلب المزاعم الموثوقة بالتعذيب وغيرها من ضروب سوء المعاملة المرتكبة بعد سقوط بن علي والتي نُسبت إلى قوات الأمن، لم تفض إلى محاكمة.
من شأن أي قانون ينفذ هذا المقترح أن يشكل انتهاكا واضحا لالتزامات تونس الدولية بالتحقيق مع مرتكبي الانتهاكات الحقوقية الجسيمة والجرائم بموجب القانون الدولي، ومحاكمتهم ومعاقبتهم. كما هو مبين في الاجتهاد القضائي الدولي، فإن قرارات العفو والمسامحة لا تتوافق مع الالتزام بمحاكمة الجرائم بموجب القانون الدولي، وحرمان الضحايا من الحق في معرفة الحقيقة، والوصول إلى العدالة وطلب تعويضات مناسبة. عبر إلغاء الدوائر المتخصصة وضمان الإفلات من العقاب على الانتهاكات السابقة، سيعزز القانون المقترح، إذا أُقر، الإفلات من العقاب ويشجّع مرتكبي الانتهاكات الحقوقية الحاليين واللاحقين.
سيشكل إيقاف هذه المحاكمات وإنهاء هذه الإجراءات وغيرها، مما هي ضمن اختصاص الدوائر المتخصصة، خيانة لآمال الضحايا في العدالة. نؤمن أن الإدلاء ببيان علني، وفي حينه، ضمن ولايتكم والولايات التي تشمل حالات الاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء والتعذيب وسوء المعاملة، قد يكون أساسيا في ضمان استمرار عملية العدالة الانتقالية في تونس. كما نحثكم على إجراء زيارة إلى تونس للمساعدة في معارضة مثل هذه التهديدات المحدقة بالعدالة الانتقالية. من الضروري أن تفتح ولايتكم قناة تواصل مع الحكومة لضمان أن عملية العدالة الانتقالية في تونس لم تذهب سدى.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،
أعضاء التحالف من أجل العدالة الانتقالية
قائمة أعضاء التحالف من أجل العدالة الانتقالية:
-
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
-
جمعية القضاة التونسيين
-
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
-
البوصلة
-
محامون بلا حدود
-
المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب
-
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
-
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
-
منظمة لا سلام من غير عدالة
-
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
-
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
-
“إنترناشونال ألرت”
-
التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية
-
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
-
المرصد التونسي لأماكن الاحتجاز
-
جمعية الكرامة: صوت الضحايا
-
جمعية العدالة ورد الاعتبار
-
جمعية عائلات الشهداء ومصابي الثورة (أوفياء)
-
الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان
-
هيومن رايتس ووتش
-
اللجنة الدولية للحقوقيين
-
المركز الدولي للعدالة الانتقالية
-
مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية
-
جمعية إنصاف قدماء العسكريين
-
التحالف التونسي للكرامة ورد الاعتبار
-
منظمة شهيد الحرية نبيل البركاتي
-
الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية
-
منظمة دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان – دعم