قضية حاجب العيون
الصوناد تحجب الحقيقة والقضاء يكشفها
لأن الماء عصب الحياة لا يمكن الاستغناء عنه أو التفريط فيه، ولأن الحصول على مياه مأمونة وصحية شرط من شروط حفظ كرامة الانسان وحياته، أكدت كل المعاهدات الدولية على ضرورة التزام الدول بضمان هذا الحق وتوفير كل الوسائل لحمايته. كما دسترت البلاد التونسية هذا الحق واقرت بأنه “مضمون”، الا أن المشهد اليوم، ومنذ عقود، يكشف شرخا كبيرا بين المنصوص والموجود. وضع يتابعه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بانشغال، خاصة مع تركيز قسم العدالة البيئية، فأصبح من أولويات عمله الميداني والبحثي. كما التزم مناضلوه ومناضلاته واعضاؤه وعضواته بالدفاع عن هذا الحق المشروع بكل الوسائل والآليات المتاحة ايمانا منهم/هن بأن الحقوق تفتك ولا تهدى. وأن الحصول على مياه شرب بكمية كافية ومأمونة أمر لا نقاش فيه وجب المضي قدما نحو الدفاع عنه وفق ما يفرضه المسار النضالي، جنبا الى جنب مع أصحاب الحقوق.
في هذا الإطار تبنى فرع القيروان قضية تلوث مياه الشرب بمدينة حاجب العيون التي انطلقت منذ سنة 2020 والتي ظهرت أول مرة بالمدرسة الإعدادية بحاجب العيون إثر اكتشاف تغيير في لون ماء الصوناد الى أصفر يحتوي على ترسبات وشعر. وبعد أن تم إعلام الأطراف المعنية للتدخل اجريت تحاليل على عينات من المياه. ثم اعلنت الصوناد بأن المياه غير ملوثة على عكس ما تكشفه العين المجردة وما توثقه الصور والفيدوات المباشرة الحينية لنشطاء المنطقة. الامر الذي زاد من حدة التوتر في صفوف الأهالي الذين وجدوا أنفسهم أمام ضرورة اقتناء المياه المعدنية للشرب والطبخ في المقابل تواصل سداد معلوم الاستهلاك وخلاص فواتير مشطة مقابل خدمة لا يتمتعون بها.
وفي إطار مناصرة حق الأهالي في مياه شرب صحية وآمنة خاض المنتدى مع الأهالي معركة ميدانية وقضائية وإعلامية لدفاع عن هذا الحق تتلخص مراحلها في النقاط التالية:
- تنفيذ وقفات احتجاجية متتالية أمام مقرات المؤسسات الراجعة لها بالنظر محليا وجهويا وإرجاع الفواتير في حركة تصعيدية تعبيرا على غضب الاهالي من تجاهل الشركة وسلط الاشراف لنداءاتهم. كما نفذ نشطاء المنطقة ومسانديهم وقفة احتجاجية في تونس العاصمة ساهمت في التعريف بالقضية وإعطائها زخما اعلاميا هاما.
- احتجاجات أصدر على إثرها فرع المنتدى بيانا أعلن فيه تبنيه للقضية ومساندته المطلقة لحق اهالي حاجب العيون. كما راسل في مناسبات كثيرة الجهات المعنية داعيا الى ضرورة فتح باب التفاوض والحوار وتشريك المجتمع المدني وأصحاب الحق من أجل إيجاد حل عاجل وجذري تفاديا لأي تأثيرات سلبية قريبة أو بعيدة المدى على صحة الناس.
- وأمام مواصلة الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه تجاهلها لكل النداءات. وبعد استنفاذ كل آليات النضال الميدانية والإعلامية، قرّر فرع المنتدى بالتنسيق والتشاور مع الأهالي مواصلة المعركة وتغيير استراتيجية المناصرة باتخاذ مسار قضائي معتمدا حق التقاضي المكفول بموجب الدستور والآليات الدولية لحقوق الانسان. قرار انبثق عن جلسة تشاورية انعقدت في شهر فيفري 2022 بمقر بلدية حاجب العيون. ليقوم الفرع برفع قضية استعجاليه لدى المحكمة الادارية ضد الشركة التونسية للاستغلال وتوزيع المياه طالب فيها بإيقاف تزويد اهالي المنطقة من بئر الغويبة السوداء والبئر العميق بمعمل الصوف كما طالب المحكمة بتكليف خبير مستقل في الماء للتأكد من مدى مطابقة المياه للمواصفات خاصة وأن الصوناد كانت قد كذبت تشكيات الاهالي وأكدت أن الماء صالح للشرب.
- تم قبول مطلب فرع المنتدى من قبل المحكمة الادارية التي اذنت بتكليف خبير في الغرض بتاريخ 7 أفريل 2022، وبعد قيام الخبير برفع العينات وإتباع الاجراءات اللازمة أصدر تقريره الى المحكمة الادارية التي بدورها مكنتنا من نسخة منه. حيث تبين من خلال التقرير عدم مطابقة مياه الشرب بحاجب العيون للمواصفات التونسية وبالتالي فإنها غير صحية وغير امنة ومن شأنها أن تضر بصحة الناس.
- ومن منطلق ايمانه بدور المجتمع المدني كقوة اقتراح وطرف فاعل في حلحلة كل الاشكاليات واصل فرع المنتدى طرق ابواب الشركة ودعوتها الى طاولة الحوار وتشريك اصحاب القضية لإيجاد حلول جذرية وإنهاء النزاع القائم بين الطرفين.
لذا يجدد المنتدى فرع القيروان:
- تأكيده على المضي قدما في مناصرة أهالي حاجب العيون في الدفاع عن حقهم في مياه صحية وأمنة
- مطالبته بالإيقاف الفوري لتزويد الأهالي من بئر الغويبة السوداء والبئر العميقة بمعمل الصوف لتجنب مزيد من الأضرار الصحية وإيجاد بديل كوحدة لتصفية المياه إلى حين إيجاد نقطة جديدة صالحة لتزويد الأهالي.
عن فرع القيروان للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرئيسة سوسن الجعدي