المنتدى الجهوي للعدالة البيئية بالقيروان في نسخته الثالثة
من أجل تحقيق العدالة البيئية
لئن تطور الوعي بأهمية الحقوق البيئية ودورها في حماية بقية الحقوق الأساسية خاصة الحق في الحياة والحق في الصحة فان مسألة تكريس جملة هذه الحقوق تطرح تساؤلا حول ما اذا كانت المبادئ والآليات الدستورية والقانونية الوطنية والدولية ضمانة فعلية لحقوق الاجيال الحالية والأجيال القادمة في تنمية عادلة ومستدامة أم أنها مجرد نوايا فاقت التجسيد ومجموعة من النصوص الفضفاضة لم تجد طريقها للتكريس الفعلي أمام تغوّل منوال التنمية الذي استنزف الثروة وانتهك كل الحقوق.
يكفل دستور 2014 الحق في بيئة صحية في تونس لا سيما الفصل 45 الذي ينص على أن “تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ. وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي.”
كما تسعى الدولة وفق الفصل الـــــ12ــ “إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، والتوازن بين الجهات، استنادً إلى مؤشرات التنمية واعتمادً على مبدأ التمييز الإيجابي. كما تعمل على الاستغلال الرشيد للثروات الوطنية.”
ولأن الماء ضرورة حياتية وحق من الحقوق الأساسية للإنسان مرتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وبالتنمية المستدامة نص الفصل 44 على أن “الحق في الماء مضمون” وان “المحافظة على الماء وترشيد استغلاله واجب على الدولة والمجتمع.”
كما صادقت الدولة التونسية على العديد من الاتفاقات والمعاهدات التي تتعلق بالحفاظ على البيئة ومنع التلوث وتحقيق تنمية مستدامة وضمان حقوق الأجيال القادمة.
اليوم وبعد مرور العشرية الأولى للثورة مازالت المعركة من اجل تفعيل هذه الحقوق مستمرة نظرا لتراكم الإشكاليات وتواصل الممارسات القائمة على انتهاك حقوق الانسان والتطبيع معها وعجز الدولة والحكومات المتعاقبة على حماية حقوق مواطنيها وتواطئها مع المخالفين من الداخل والخارج، إضافة الى عجز الهياكل المعنية على إيجاد حلول مستدامة والقطع مع السياسات القديمة وكسر حاجز البيروقراطية ومركزية السلطة والقرارات.
في مقابل ذلك ابدى المجتمع المدني في تونس قدرة فائقة والتزاما كبيرا بالدفاع عن حقوق الانسان والتصدي لكل ما من شأنه أن يمس من كرامة الانسان وحياته. ولكن، كل هذه المجهودات تبقى محدودة طالما تعلق التغيير الإيجابي بتوفر الإرادة السياسية وبالتزام الدولة ومؤسساتها بتعهداتها وطنيا ودوليا وسعيها الى تحقيق المصلحة المشتركة ووعي صناع القرار بضرورة تغيير السياسات التي عمقت الازمة وأثبتت عدم جدواها.
في هذا السياق تجنّد قسم العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للدفاع عن البيئة ومساندة أصحاب الحقوق وتأطير الحركات الاجتماعية البيئية والقيام بحملات مناصرة ميدانية وقضائية من اجل التصدي للاعتداءات والضغط على صناع القرار وتحميل السلطة مسؤولياتها ودفعها الى احترام القوانين والدستور وتكريس العدالة الاجتماعية والبيئية والمناخية وحسن التصرف في الموارد الطبيعية وحماية حقوق الأجيال القادمة والدفع نحو تغيير السياسات بما يتلاءم مع متطلبات الوضع البيئي والاجتماعي والاقتصادي.
من أجل ذلك ينظم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فرع القيروان أيام 05 و06 و07 نوفمبر 2021 النسخة الثالثة من المنتدى الجهوي للعدالة البيئية. يمتد برنامج المنتدى على ثلاثة أيام. اخترنا ان يكون متنوعا وثريا فيه الجانب التوعوي التحسيسي والجانب الفني الاكاديمي والجانب الميداني مع عرض الأرقام والإحصائيات والشهادات الحية. نخصص اليوم الأول، الجمعة 05 نوفمبر، لعرض مسرحية بعنوان “هيستيريا الجفاف” للمخرج محمد نبيل الزايدي وفلمين وثائقيين: الأول حول قضية التلوث في الوطن القبلي “اتركوا يمليخا وشأنه” للمخرج جهاد بن سليمان، ـأما الفيلم الثاني، “الحكاية موش بيدونة” من انجاز فرع المنتدى، فيتطرق لقضية العطش في ارياف القيروان.
وحتى نخلق فضاءً للتشبيك والحوار وتبادل المعارف والخبرات بين نشطاء الحركات الاجتماعية من جهة وممثلي الإدارات الجهوية والهياكل الرسمية والجمعيات الناشطة في المجال البيئي من جهة اخرى وبلورة مقترحات ووضع برنامج مشترك والتخطيط لأنشطة جماعية في المستقبل ننظم في اليوم الثاني، السبت 06 نوفمبر، لقاءً في نزل الكونتينتال Continental يحتوي صباحا على ندوة فكرية ومداخلات متنوعة، أما المساء فسيكون مخصصا لمجموعة من الورشات الموضوعاتية من اجل بلورة مقترحات والخروج بتوصيات نحدد من خلالها استراتيجية العمل في المرحلة القادمة.
ومساهمة منا في النهوض بالوعي البيئي لدى فئة الشباب وتحسيسه بأهمية الثروة الغابية والحيوانية وضرورة حمايتها من الاعتداءات وتأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية ننظم يوم الأحد 07 نوفمبر زيارة ميدانية لسدي الهوارب وسيدي سعد وللمحمية الطبيعية بجبل التواتي من معتمدية نصر الله رفقة مجموعة من الشباب الناشط والمهتم بقضايا البيئة وممثلين عن المصالح المختصة بالإدارة الجهوية للتنمية الفلاحية.
معا من اجل الدفع نحو تكريس أسس عادلة لمنوال يحترم حق كل الأجيال
في الماء، في بيئة سليمة وفي تنمية مستدامة.