الحجر الصحي المستحيل في غياب الماء. من أجل الحق في الماء للجميع
اقرت الحكومة التونسية الحجر الصحي العام على كافة المواطنين منذ يوم 21 مارس 2020 على اثر توصيات وزارة الصحة بضرورة الالتزام بالبقاء في المنازل لتفادي انتشار فيروس كوفيد-19 وارتفاع عد الضحايا.
وفي الوقت الذي يتذمر فيه غالبية التونسيين من شح بعض المواد الغذائية كالسميد والفارينة ويلجأ آخرون لمدخراتهم بعد أن تعذر عليهم مواصلة العمل تعيش شريحة غير قليلة من المواطنين في قلق مستمر لعدم قدرتها على تطبيق تعليمات السلامة والنظافة التي ينصح بها خبراء الصحة لسبب بسيط وهو أنها محرومة من الماء.
وقد حذر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مناسبات عديدة[1] من خطورة الوضع في علاقة بالإنقطاعات المتكررة للماء أو غيابه التام[2] في مناطق عديدة من تونس. حيث أن خدمات الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه غائبة في الكثير من المناطق الداخلية ويتم تعويضها بمجامع فلاحية بينت التجربة عدم قدرتها في أغلب الأحيان على تلبية حاجيات السكان من الماء نظرا لمشاكل عديدة أهمها المديونية. ويضطر هذا الأمر المواطنين وخاصة منهم النساء والأطفال لقطع مسافات متفاوتة الطول لجلب الماء من أقرب عين طبيعية. وتكون هذه العيون في غالب الأحيان ملوثة نظرا لأن ماءها راكد أو لأن فضلات مختلفة تصب فيها.
فما الذي قامت به الدولة لتوفير أبسط الحاجيات حتى يتمكن هؤلاء المواطنون من تطبيق الحجر في أمان؟ كيف يمكن لهؤلاء المواطنين والمواطنات، الراغبين في ملازمة منازلهم من أجل سلامتهم وسلامة أطفالهم، غسل أيديهم العديد من المرات في اليوم في حين أن لتر الماء الذي يخبؤونه في ركن من المنزل بالأهمية التي يصبح فيها غسل الأيدي من منظورهم ترفا وتبذيرا؟ ويزداد ثمن هذا الماء في الفترة الراهنة لأنهم يقطعون كيلومترات لجلبها ويعرضون أنفسهم لخطر الكورونا، بينما يفتح غالبية التونسيين حنفياتهم لدقائق متواصلة للتأكد من أنهم نظفوا أيديهم بما فيه الكفاية.
وحيث اننا لم نشهد قرارات ترتقى إلى خطورة الوضع، من أجل ضمان الماء للجميع، بل على العكس من ذلك، قامت الدولة بالزيادة في تعريفة ماء الصوناد[3] فإن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
– يحذر من المأساة التي يعيشها هؤلاء المواطنون، الذين يتعرضون يوميا لخطر العدوى بفيروس كورونا. ويزداد خطر تعرضهم للفيروس مع طول المسافة التي يقطعونها بحثا عن الماء بالإضافة إلى هشاشة جهازهم المناعي بسبب سنوات من إستهلاك الماء الملوث.
– يندد بالسياسة الموحدة في التعاطي مع وباء كورونا حيث أنه لم يتم الأخذ بالاعتبار الحالات الخاصة للمواطنين المحرومين من الماء؛
– يذكر بأن الحق في الماء حق دستوري وبأن الدولة عليها الإلتزام بمسؤوليتها في ضمان هذا الحق للجميع حتى لا نشهد ارتفاعا في الحالات المصابة بكوفيد-19 في المناطق الريفية المعطشة؛
– ينوه أخيرا بأن تعليمات النظافة المنصوص عليها لا معنى لها مدام الإنصاف في التمتع بالماء غير مضمون.
ولذلك فإن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
– يدعو إلى التمديد في قرار الصوناد بتأجيل خلاص مديونية العائلات المعوزة إلى ما بعد 17 آفريل وارجاع الماء طوال مدة الحجر. كما يدعو إلى تنفيع جميع الأسر التونسية بهذا القرار خلال هذه الفترة حتى يتسنى للجميع التمتع بالماء باستمرار وبجودة جيدة؛
– يهيب بأصحاب القرار حتى يشمل هذا الأمر المجامع المائية كذلك، بالتنسيق مع الشركة التونسية للكهرباء والغاز، ومراقبة رجوع الماء لجميع المجامع المختصة في الماء الصالح للشراب؛
– ينوه ببعض المبادرات من طرف لجان مجابهة الكوارث كما في القيروان والقصرين، التي مكنت من ارجاع الماء الى بعض المجامع، ولكنه يؤكد أنه على الرغم من ذلك فإن اضطرابات التوزيع مازالت متواصلة (تدفق ضعيف، مياه عكرة، فترة ظخ قصيرة…)؛
– يجدد دعمه لمطالب مكونات المجتمع المدني للحكومة من أجل تبني سياسة نسوية في مجابهة جائحة كورونا[4]، لان النساء والفتيات خاصة في المناطق الريفية هن الأكثر عرضة لخطر الفيروس ليس فقط عند جلب الماء ولكن أيضا اثناء ممارسة العمل الفلاحي[5]؛
– يدعو وزارة الفلاحة ومجلس نواب الشعب الى التطرق بجدية الى ملف تزويد المناطق الريفية بالماء، والأخذ بعين الاعتبار مقترحات المجتمع المدني المضمنة في المجلة المواطنية للمياه، ومن ذلك خاصة تركيز هيكل مستقل للتصرف في الماء في الأرياف ومجانية الماء بالنسبة للكمية التي تضمن الحاجيات الحياتية.
[1] https://ftdes.net/leau-est-en-face-de-nous-et-on-meurt-de-soif/
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=3526422364095802&id=260780443993360
https://www.facebook.com/events/2695929780505006/
https://www.facebook.com/search/top/?q=%D8%B9%D8%B7%D8%B4%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%A7&epa=SEARCH_BOX
[2] بعض المواطنين لا يتمتعون بخدمات الصوناد ولا يتبعون مجمعا مائيا كما هو الحال بالنسبة ل15 % من سكان ارياف القيروان
[3] https://www.watchwater.tn/ar/blog/2020/4/8/60-lhkom-ostthmr-lazm/
[4] https://ftdes.net/ar/lettre-ouverte-au-premier-ministre-pour-ladoption-dune-politique-feministe-dans-la-lutte-contre-lepidemie-du-covid-19/