ملخص تنفيذي
يندرج هذا البحث ضمن الخيارات البحثية للمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية في مناصرة القضايا المتعلقة بالهجرة عموما والهجرة غير النظامية بشكل خاص، والتي صارت تأخذ في السنوات الأخيرة منحا تصاعديا بفعل تزايد عدد الشبان المنخرطين فيها، وتتعدد الأسباب التي تدفع بالعديد من الشبان التونسيين لتبني خيار الهجرة غير النظامية لتحقيق أحلامهم، حيث تتداخل الأسباب الإقتصادية مع الأسباب الذاتية والنفسية. لكن بالمقابل، تظهر سياسات المتوخاة سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الإتحاد الأروبي بوصفها سياسات عقابية ذات طبيعة أمنية تعمل على وضع مزيد من الحدود أمام الهجرة غير النظامية، على نحو أصبحت الهجرة غير النظامية تبدو وكأنها سلسلة من الحدود المتتابعة والنجاح في تجاوز سلسلة الحدود المادية والرمزية ولعل الترحيل هو أحد أهم الآليات العقابية التي يتوخاها الإتحاد الأوروبي منذ سنوات في إطار التضييق على حركة الهجرة من جنوب المتوسط إلى أوروبا. في هذا الإطار يندرج هذا البحث الكيفي حول المرحلين التي تم إنجازه في كل من صفاقس وقليبية والرديف وتونس العاصمة حيث تم إجراء ثلاثين مقابلة شبه موجهة مع شبان تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة وذلك من أجل فهم مسار الهجرة غير النظامية كتجربة إجتماعية وذاتية في الآن ذاته من حيث الأسباب المتعلقة بها وذلك من وجهة نظر الفاعلين أنفسهم، والذين تركنا لهم إعطاء وجهة نظرهم، وهي وجهة نظر غير مسموعة في الفضاء العمومي التونسي سواءا السياسي أو الإعلامي. لكن ما يعنينا في هذا البحث هو تجربة الترحيل القسري من الأراضي الإيطالية، وذلك مثلما يرويها ويتمثلها الشبان المرحلون أنفسهم وهي تجربة تبدو قاسية حسب رؤيتهم الخاصة لأنها تعبر عن فشل مشروعهم الهجروي وأحلامهم الفردية ولكن بالمقابل تظهر تجربة الترحيل بمثابة القصة التي يرويها المرحلون والتي تعطي معنى لوجودهم الشخصي لأنهم في الغالب كانوا بلا قصص. من ناحية أخرى تبدو تجربة الترحيل لها استتباعات نفسية، وإقتصادية على المرحلين وبشكل خاص على الشبان الذين قضوا مدة طويلة في أوروبا حيث يشعرون أنه قد وقع انتزاعهم قسريا من بيئة تعودوا عليها لهذا ينكفئون على أنفسهم ويعيشون ضغط نفسي وتوتر دائم. أما من الناحية الإقتصادية يعيش جل المرحلين تحت وطأة ظروف إقتصادية قاسية، حيت لا يقدر جلهم على تحقيق الإندماج الإقتصادي وهو ما يجعلهم يفكرون في معاودة الهجرة غير النظامية وهو ما يعني أن الترحيل بوصفه سياسة أمنية بحتة يتحول بشكل أو بآخر من آلية للتقليص من عدد المهاجرين إلى عامل دافع لها وهو ما يمكن إدراجه فيما يسمى بالآثار اللامتوقعة لعملية الترحيل وهذا ما يفترض، من هذا الناحية، إعادة رسم سياسة جديدة للهجرة بين تونس والإتحاد الأوروبي.
العربية
الانجليزية