رسالة مفتوحة من منظمات حقوقية ونقابية رافضة لتعديل المرسوم 116 إلى نواب الشعب
سيدتي/ سيدي عضو/ة مجلس نواب الشعب
تحية طيبة،
تمت، كما تعلمون، برمجة عرض مقترح مشروع قانون عدد 2020/34 يتعلق بتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011 للمناقشة أمام الجلسة العامة يوم 14 أكتوبر الجاري، ويهم المنظمات والجمعيات الحقوقية والنقابية الممضية على هذه الرسالة تنبيهكم إلى خطورة هذه المبادرة على حرية الإعلام، وخاصة السمعي والبصري وعلى المسار الديمقراطي برمته، ودعوتكم إلى عدم التصويت عليها.
سيدتي/ سيدي عضو/ة مجلس نواب الشعب
في حين كان أغلب المهتمين والمعنيين بقطاع الإعلام ومسار الانتقال الديمقراطي في تونس ينتظرون مصادقة مجلس النواب الشعب على قانون أساسي لتعويض المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والخروج من الوضع المؤقت وإرساء الهيئة الدستورية للاتصال السمعي البصري، تولت كتلة ائتلاف الكرامة بمجلس نواب الشعب يوم 4 ماي 2020 إيداع مبادرة تشريعية لتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011 ممضاة من 11 نائبا أعضاء بالكتلة المذكورة مع طلب استعجال النظر، والتي تمت برمجتها من قبل مكتب مجلس نواب الشعب لعرضها على الجلسة العامة للمناقشة والمصادقة في بداية السنة البرلمانية الجديدة.
سيدتي/ سيدي عضو/ة مجلس نواب الشعب
تتضمن هذه المبادرة، المتكونة من ثلاثة فصول، تعديلات على المرسوم 116/2011 تتعلق بتركيبة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الحالية وتجديدها من جهة، وحذف صلاحية إسناد الإجازات لإحداث القنوات التلفزية من قبل الهيئة وإقرار مبدأ مجرد التصريح بالوجود من جهة ثانية. ويعتبر هذين التعديلين متعارضين مع روح الدستور والتزامات الدولة التونسية في مجال حماية حرية التعبير والإعلام.
إن أغلب الدول الديمقراطية في العالم اختارت حماية حرية الإعلام السمعي والبصري الذي توفره التلفزات والإذاعات من خلال تأسيس هيئة عمومية مستقلة لا يمكن أن تقوم بأدوارها الأساسية كمؤسسة تعديلية إلا من خلال ممارسة صلاحية إسناد الإجازات للإذاعات والتلفزات ووضع القواعد المنطبقة على مجال الاتصال السمعي والبصري والسهر على احترامها. غير أن المبادرة المعروضة عليكم للمناقشة والمصادقة لا تحترم هذه المعايير، حيث أن اعتماد مجرد التصريح سيخل بصلاحيات الهيئة في إسناد الإجازات، وبالتالي بالتزام الدولة التونسية في تكريس الحق في الإعلام المنصوص عليه في الفصل 32 من الدستور، والذي يقتضي أن تعمل الدولة على ضمان الحق في الإعلام لكل الأفراد وضمان تمثيل أصواتهم في إعلام بلدهم، في حين أن هذه المبادرة تأسست على تصور ضيق للاتصال السمعي البصري من خلال تناوله من منظور سلعي وتجاري يحتكم إلى منطق المنافسة التجارية على حساب الحقوق والحريات الأساسية.
سيدتي/ سيدي عضو/ة مجلس نواب الشعب
إن التعليق العام رقم 34 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بخصوص مضمون المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من قل الجمهورية التونسية، ألزم الدول بأن تعزز تعدد وسائل الإعلام وأن “تتخذ التدابير المناسبة لمنع أي هيمنة غير ملائمة في وسائط الإعلام أو منع تمركز مجموعات إعلامية مملوكة للقطاع الخاص في أوضاع احتكارية قد تضر بتنوع المصادر والآراء”. غير أن قراءة متمعنة للمبادرة المعروضة أمامكم ووضعها في سياقها الزماني والمكاني تبرز أنها، وراء البريق الليبرالي المضلّل، تحمل مخاطر عديدة وتؤدي عمليا إلى خدمة أطراف سياسية ولوبيات مالية معادية للتعديل المستقل وتسعى لوضع اليد على قطاع الإعلام والاتصال السمعي البصري وعلى الهيئة المكلّفة بتعديله وتنظيمه.
سيدتي/ سيدي عضو/ة مجلس نواب الشعب
نص الفصل 7 مكرر جديد من هذه المبادرة على انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب وهو ما يخالف روح الدستور، الذي خصّ الهيئات ذات العلاقة بالمسار الديمقراطي بأغلبية معززة عند انتخاب أعضائها حتى لا يتمكن أي طرف سياسي من الهيمنة عليها، ولذلك فإن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الحالية وإن لم تكن دستورية من الناحية الشكلية، فإنها تعتبر كذلك من الناحية الوظيفية بما أنها تقوم بالوظائف نفسها التي أسندها الفصل 127 من الدستور للهيئة الدستورية (هيئة الاتصال السمعي البصري). وبالتالي فإن احترام مراد المجلس الوطني التأسيسي يحتم انتخاب أعضائها وفقا لأغلبية معززة.
سيدتي/ سيدي عضو/ة مجلس نواب الشعب
تعبّر هذه المبادرة كما أشار إليه أصحابها في شرح الأسباب عن العجز عن الخروج من الوضع المؤقت وإرساء الإطار التشريعي والمؤسساتي الدائم لقطاع الإعلام والاتصال السمعي البصري، والحال أنها تأتي لترقيع مرسوم116 لسنة 2011 كنص وقتي بنص وقتي آخر ينقحه، ما يجعلها مبادرة ترمي إلى إدامة المؤقت وتمطيطه عوض تركيز الهيئة الدستورية بالمصادقة على قانون أساسي شامل ومنظم لهذا القطاع، وفقا لمقتضيات الدستور.
وبناء على كل ما سبق، تدعو المنظمات الحقوقية والنقابية الممضية على هذه الرسالة السيدات والسادة أعضاء مجلس نواب الشعب إلى تحمّل مسؤوليتهم أمام الشعب الذي انتخبهم بعدم التصويت على هذه المبادرة المتعارضة مع الدستور والمخالفة للمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية والتسريع بالمصادقة على قانون أساسي لحرية الاتصال السمعي وفقا لمقتضيات الدستور.
الجمعيات والمنظمات الموقعة :
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
منظمة المادة 19
الاتحاد العام التونسي للشغل
مراسلون بلا حدود
مركز تونس لحرية الصحافة
الاتحاد التونسي للاعلام الجمعياتي
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
أنا يقظ
مؤسسة نساء الأورو_متوسط
جمعية العمل التونسي
جمعية القضاة التونسيين
الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين
الجمعية التونسية للمحامين الشبان
المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب
محامون بلا حدود
جمعية البحوث في الانتقال الديمقراطي
مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان – دعم-
منظمة 10_23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي
رابطة الكتاب التونسيين الأحرار
الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الاعدام
الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية
الجمعية المغاربية للذاكرة المشتركة من اجل الحرية و الديمقراطية
جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية
جمعية تالة المتضامنة
جمعية بيتي
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية