تونس في 5 جوان 2024
بيان اليوم العالمي للبيئة تونس بين شبح شح الموارد والسياسات المُكرِّسة للإستنزاف
يوافق اليوم من كل سنة إحياء اليوم العالمي للبيئة والذي تم اقراره منذ سنة 1972 ترسيخا لمبادئ المحافظة على المنظومات البيئية وترشيد إستغلال الموارد الطبييعية ومقاومة كل أشكال التلوث. ويأتي هذا اليوم تحت شعار “اصلاح الأراضي ومكافحة التصحر والقدرة على التكيف مع الجفاف“.
وتحيي تونس هذا اليوم في ظل تزايد التحديات في علاقة بالتغيرات المناخية وآثارها على المجتمعات والقطاعات المنتِجة دون إستثناء. كما تقدمت تونس اشواطا في سياساتها المناخية انخراطا منها في المجهود الدولي الرامي الى تخفيض الانبعاثات من الغازات الدفيئة ودعم صمود الإنسان في مواجهة التقلبات المناخية. ويمكن للمطلع على التطورات التشريعية في علاقة بالبيئة والمناخ ملاحظة الرصيد الهام من الاستراتيجيات والمخططات التي عملت عليها تونس في السنوات الأخيرة على غرار الاستراتيجيةالوطنية للإنتقال الإيكولوجي، إستراتيجية الماء 2050, الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر، إستراتيجية الإقتصاد الأزرق…وفي مقابل هذه الاستراتيجيات يظل الواقع البيئي يرزخ تحت وقع العديد من الإشكاليات التي لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلولا، كما تعاني قطاعات حيوية على رأسها قطاعات الماء والفلاحة والطاقة من إشكالات هيكلية ما انفكت تتراكم منذ انخراط تونس في مخططات الإصلاح الهيكلي للبنك العالمي الدافعة نحو الخوصصة والتموقع في الأسواق العالمية بغض النظر عن الكلفة البيئية والاجتماعية للمشاريع القائمة على إستغلال الموارد الطبيعية.
ففي قطاع الماء، صنف المعهد العالمي للموارد تونس من أكثر الدول جفافا في أفق 2050، في المقابل يتواصل إسداء التراخيص لشركات تعليب المياه، التي تجاوز عددها 30 شركة، في أكثر الولايات عطشا كولايات الوسط الغربي، بينما يُحرم أكثر من 200 ألف تونسي من حقهم في الماء الصالح للشرب ويتم رفض مطالب حفر الآبار لفلاحي نفس المناطق التي تُسند فيها التراخيص للمستثمرين في قطاع تعليب المياه.
وفي قطاع الطاقة، تُواصل الدولة سياسة الهروب الى الامام في مواجهة تبعيتها الطاقية للغاز الجزائري (بنسبة 97%)، وتُمضي منذ أيام على إتفاقية انتاج الهيدروجين الأخضر مع مجموعة من الشركات العابرة للقارات(multinationales)، على أن يتم تصدير 80% من الهيدروجين المُنتج، لتكرس بذلك تبعيتها لإملاءات المانحين الاوروبيين في سعيهم للإيفاء بتعهداتهم في تخفيض الإنبعاثات مقابل إستغلال الأراضي، وطاقة الشمس والرياح والماء .
وفي قطاع الفلاحة، تتواصل تبعية السوق التونسي للمنتجات الغذائية الأجنبية وتستورد البلاد اليوم أكثر من 70% من حاجياتها من الحبوب و90% من حاجياتها من القمح اللين بينما يتواصل غزو البذور المستوردة في غياب خطة عمل لوزارة الفلاحة من أجل تكريس مبدأ السيادة الغذائية ودعم وتأطير مبادرات الفلاحة المستدامة و إكثار البذور الأصيلة التي يقودها مجموعة من الفلاحين في عديد المناطق.
وأمام جملة هذه التحديات يهم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن:
- يحذر من تبعات استنزاف الموارد الطبيعية وخاصة منها الماء دون الأخذ بعين الإعتبار وضع الشح المائي وازمة الجفاف التي فاقمتها التغيرات المناخية،
- يؤكد على ضرورة صياغة جميع الاستراتيجيات والسياسات القطاعية من منطلق قاعدة السيادة على الأرض والموارد، التأقلم والصمود في مواجهة التغيرات المناخية وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل التفكير في المنافسة على الأسواق الأجنبية،
- يجدد دعوته لمختلف مؤسسات الدولة في قطاعات البيئية والفلاحة والطاقة العمل سويا من أجل التصدي للوبيات التي تغلغلت في مختلف القطاعات (الماء، البذور، الاعلاف، الحليب، الطاقة، النفايات..) معرقلة بذلك الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية وحماية حقوق الأفراد في العيش في بيئة سليمة وفي الانتقال البيئي العادل،
- يعبر عن دعمه للمجتمعات المحلية الهشة التي تعاني تبعات التغيرات المناخية وسياسات الدولة ويواصل مساندته لكل اشكال المقاومة المواطنية للسياسات المستنزفة للبيئة
قسم العدالة البيئية للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية