يحاصــرنا المــوت في كل الفضاءات أو مناعة “الاقتصاد” قبل مناعة البشر
يتابع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بقلق شديد تطور الأوضاع الصحية بالبلاد التونسية في ظل بلوغ الوباء مرحلة الانفلات والخروج عن السيطرة بعد أن بلغت المؤشرات الخاصة به أرقام قياسية سواء من حيث عدد الإصابات أو عدد الوفايات الذي قارب الخمسة عشر ألف . وأمام الصمت والعجز والارتباك الرسمي إزاء أقسى مأساة إنسانية تمرّ بها بلادنا في العصر الحديث، في ظل الفشل الذريع الذي ميز عناصر إستراتيجية مقاومة الوباء في بعديها الوقائي (تطبيق إجراءات البروتوكول الصحي وتوفير مستلزماته وخاصة توفير التلاقيح…) والعلاجي (تهيئة المستشفيات وتوفير المعدات والموارد البشرية اللازمة لضحايا الوباء) والذي تدفع فاتورته الفئات الأكثر فقرا وهشاشة.. فممرات المستشفيات وأقسام الإستعجالي باتت مليئة بالمرضى وتعجز عن استقبال الوافدين، والعائلات تتوسل لتأمين الأكسجين أو توفير سرير لمرضاها، فالكل يبحث عن خلاص لعائلته وأقاربه من الوباء الذي فتك بهم حتى أصبح البعض يفترش الأرض ويموت آخرون أمام الأبواب.
لقد عرّت الأزمة الصحية ونتائجها حقيقة الفوارق الطبقية والاجتماعية التي تجعل مخاطرها وتبعاتها المباشرة وغير المباشرة خاصة الاجتماعية والاقتصادية أكبر وزرا على الفئات الهشّة التي لا تملك لا الوسائل المادية ولا السياسية للدفاع عن حقها في الصحة. ما من شك أن الأوبئة وتداعياتها تلحق الأذى بجميع الفئات لكنها تصبح أشد وطأة على من يفتقدون ليس فقط لوسائل الوقاية والعلاج بل لوسائل الحياة في هذا الظرف الدقيق الذي يتميز باستفحال الأزمة المتعددة الأبعاد وفي وقت تنشغل فيه الطبقة الحاكمة بإيجاد حل لأزماتها السياسية المفتعلة والتي لا تهم أغلب شرائح المجتمع التونسي المنشغلة بالبحث عن أبسط ضرورات العيش والوقاية من خطر الوباء الذي أنهكها.
لكل ذلك فإن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
-
يحمل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية للحكومة التونسية وكل المؤسسات السياسية والممسكين بالقرار داخلها إزاء الكارثة التي يعيشها التونسيون والتونسيات.
-
يدعو الحكومة إلى تغيير إستراتيجيتها في التعامل مع الوباء بإعطاء الأولوية للجانب الصحي على حساب الجانب الاقتصادي.
-
يدعو الهيئة العلمية لمجابهة فيروس كورونا احتراما لمكانتهم العلمية لمصارحة الشعب التونسي حول حقيقة مجال تدخلها وتأثيرها على القرارات منذ بداية الأزمة.
-
يدعو لمجهود استثنائي على المستوى الدولي لتوفير اللقاحات ووسائل العلاج لضحايا الوباء.
-
يدعو لمراجعة جذرية للحملة الوطنية للتلقيح، تقطع مع الرؤية المركزية المفرطة وفسح المجال لهياكل الخط الأمامي للقيام بعمليات التلقيح.
-
يجدد مواساته وتضامنه مع كل العائلات التونسية التي فقدت أحبابها ومع كل المصابين الذين يواجهون الوباء.
-
يتمسك بلجنة تحقيق مستقلة حول ملابسات التعامل مع الجائحة منذ بدايتها تستهدف كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عنها وعدم تكريس سياسة الإفلات من العقاب.