الاحتجاجات المهنية ومطالب تسوية الوضعيات تطغى على تحركات الربع الأخير من السنة  

يتواصل النسق التصاعدي للاحتجاجات خلال الربع الأخير للسنة ليعرف  826 تحركا احتجاجيا، في مقابل  752 تحركا خلال الربع الثالث منها و 586 تحركا خلال الربع الثاني و475 تحركا خلال الربع الأول.  

واتسمت نهاية السنة ببروز للتحركات المنددة بالاعتداءات بالعنف اين مثلت نسبة 17% منها. وتعلق الجزء الاكبر منها بحالة من الغضب وعدم الرضا اين سجلت الفترة تصاعد للتحركات المرتبطة بالاوضاع المهنية والاجتماعية والتي شكلت ثلث التحركات التي عرفها الربع الاخير العام، واتصلت بتحسين ظروف العمل ونقص التجهيزات والتسوية المهنية والمطالبة بصرف الاجور والمنح والحق في الشغل وفي الترسيم، وانتهاك حقوق العمال، والحق في ممارسة النشاط النقابي، وتسوية وضعيات مهنية عالقة منذ الثورة على غرار عمال الحضائر والمعلمين والاساتذة النواب، وتطبيق اتفاقات، وتأمين مؤسسات عمومية صحية وتربوية، والطرد التعسفي..  

ومثلت تحركات عمال وعاملات معمل السبيخة للجلود والاحذية “ريتون”، الحدث الابرز خلال الثلاثية الرابعة من العام، حيث انطلق خلال شهر اكتوبر وتواصل الى غاية شهر نوفمبر وسجل عمليات تسريح ل28 بين عاملات وعمال وايقافات لنقابيين ومتابعات قضائية لاكثر من 9 اشخاص. وشهد التحرك مساندة واسعة من منظمات المجتمع المدني والحقوقيين وحتى الفنانين والمسرحيين.  

وسجلت الفترة تحركات على خلفية المتابعات القضائية التي تطال الفاعليين الاجتماعيين في محاولة لتخويفهم وترهيبهم ومنعهم من مزيد المطالبة او الاحتجاج. كما سجلت الأشهر الثلاث احتجاجات للفلاحين ومنتجي الزيتون بعد التراجع المسجل في أسعار زيت الزيتون. واحتجاجات مواطنية بسبب نقص مادة القهوة وارتفاع الاسعار والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية. كما تعلق جزء من التحركات بالخدمات الأساسية العمومية كالصحة والتعليم والبنية التحتية وفك العزلة وتحسين الطرقات والحق في التنمية وسوء الخدمات وبلغ عددها 83 تحركا احتجاجيا. كما سجل الربع الاخير للسنة 13 تحركا بيئيا، و43 تحركا في علاقة بالحق في الماء و5 تحركات على خلفية انقطاعات التيار الكهربائي..  

ويواصل سواق التاكسي الفردي تحركاتهم المطالبة بحقهم في رخص والتي شملت عدد من جهات البلاد. كما يعود العاطلين عن العمل وحاملي الشهائد الى التحرك والمطالب بالانتداب والتشغيل، وعرفت معتمديات صفاقس تحركات مواطنية ترفض بقاء المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء هناك. وخلفت حادثة انتحار أستاذة في معتمدية الشابة بعد حملة تنمر تعرض لها على مواقع التواصل الاجتماعي، سلسلة من التحركات والاحتجاجات صلب الاساتذة وشملت كل ولايات الجمهورية وتم تبنيها من قبل جامعة التعليم الثانوي.  

هذا وتواصلت التحركات المساندة للشعب الفلسطيني المنددة بالاعتداءات والمجازر التي يقوم بها الكيان الصهيوني في غزة والمطالبة بإنهاء العدوان. وعرفت الأشهر الثلاث تحركات لنشطاء وحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني نددت بانتهاكات حقوق الإنسان والحق في حرية الرأي والتعبير ومسارات التقاضي التي يشهد خلالها الموقوفين على خلفية ارائهم وفي قضية التآمر، تنكيل وغياب للعدالة.  

وحسب نتائج رصد فريق عمل المرصد الاجتماعية التونسي، اعتمد الفاعل الاجتماعي خلال الربع الأخير للسنة، أساسا على الوقفات الاحتجاجية اين مثلت نحو ال 40% من التحركات الاجتماعية المسجلة، يليها في ذلك النداءات عبر وسائل الإعلام وكانت في حدود ال 111 نداء ثم الإضراب ب85 إضرابا والاعتصام ب85 اعتصاما. وشهدت الأشهر الثلاث حالات سخط وغضب ومسيرات سلمية واخرى باتجاه العاصمة وحمل للشارة الحمراء وغلق طريق وتعطيل انشطة وحرق للعجلات المطاطية وتهديد بايقاف العمل وتهديد بالانتحار..  

واحتلت تونس العاصمة صدارة الجهات التي سجلت حراك اجتماعي ب137 تحركا يليها القيروان ب 110 تحركا ثم قفصة ب99 تحركا فولاية مدنين ب48 تحركا ثم القصرين ب42 تحركا وبنزرت وجندوبة كل منهما ب39 تحركا وسيدي بوزيد 36 تحركا ونابل 33 تحركا وصفاقس 30 تحركا… وتاتي باجة واريانة في اخر الترتيب ب7 تحركات لكل منهما.  

ونظم المعلمون والأساتذة ( اساسا النواب منهم) 198 تحركا احتجاجيا خلال الربع الاخير للسنة وكان للسكان نصيب 139 تحركا اما العمال والموظفون فشاركوا في 190 تحركا احتجاجيا. وخاض نشطاء المجتمع المدني 71 تحركا والفلاحين 37 تحركا والصيادين 34. اما الطلبة فقد احتجوا في 25 تحركا وخرج سواق التاكسي الفردي في 23 تحركا. واحتج بدورهم الأولياء والمحامون والتلاميذ والعاطلين عن العمل وعمال الحضائر وموظفي الصحة العمومية والأطباء والصحفيين والتجار واحباء الفرق الرياضية والمهاجرين.  

وانعكس هذا التوزيع من ناحية الفاعلين الاجتماعيين على فضاءات الاحتجاج ان احتلت المؤسسات التربوية صدارة الترتيب ب204 تحركا ووسائل الاعلام ب 104 نداء ومقرات العمل ب 119 تحركا في حين كان نصيب الأماكن العامة والطرقات مجتمعة 150 تحركا منها 21 في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة, وسجلت مقرات المعتمديات 42 تحركا وشركة فسفاط قفصة 38 تحركا المؤسسات القضائية 19 تحركا ومقرات السيادة والوزارات 29 تحركا والولايات 36 تحركا وشهدت ساحة القصبة تحركان ومثلها مجلس نواب الشعب.  

وسجل الربع الرابع من العام 712 تحركا مختلطا في حين كان 108 منها بمشاركة رجالية فقط و6 بمشاركة نسائية فقط. وكانت نسبة 79.6% من التحركات حسب فريق الرصد منظمة في حين كان نسبة 20.34 تلقائية. وتوزعت التحركات بين 26 فردية و800 تحركا جماعيا.  

وسجل الربع الأخير من السنة 22 بين حالة ومحاولة انتحار، 9 سجلت خلال شهر ديسمبر و5 خلال شهر نوفمبر و 8 حالات خلال شهر أكتوبر.  نصفها ( 11 حالة)  تم تنفيذها داخل الفضاء الخاص (السكن) في حين توزع البقية بين الفضاء العام الذي احتضن 9 محاولات وحالات انتحار منها واحدة أمام مقر ولاية، بما تحمله من مشاهد ممسرحة واستعراضية. و مقرات العمل التي شهدت حالتا انتحار ومحاولة انتحار.  

وأقدم 17 رجل على فعل إيذاء النفس والانتحار مقابل 5 سجلت في صفوف النساء. وانتهى 14 من الحالات المرصودة بوفاة المنتحر في حين تم إنقاذ البقية.  

وسجلت ولاية بنزرت وولاية القيروان العدد الاعلى من حالات الانتحار ب 5 حالات لكل منهما، يليهما المهدية وتطاوين اين شهدت كل منهما 2 حالة انتحار. اما بقية الولاية وهي اريانة والمنستير وباجة وسوسة وسيدي بوزيد وصفاقس وقابس وقفصة فقد سجلت كل منها حالة انتحار او محاولة انتحار.  

 وكان 40% من الحالات المرصودة ضحاياها من الشباب في حين كانت نسبة الكهول في حدود النصف من الحالات المسجلة. هذا مع رصد حالة انتحار لطفل.  

وواصل خلال الربع الاخير للسنة فريق عمل المرصد الاجتماعي التونسي، توثيق ورصد احداث عنف وسرقة وبراكاجات واعتداءات جنسية وتحرش واغتصاب وترهيب وهرسلة واحداث قتل مع حضور واضح للعنف الرقمي الذي ما انفك يتجه نحو التوسع.. والعنف الزوجي والعنف المسلط على المراة. 

ويحافظ العنف على نفس ملامح التشدد والرغبة في التشفي ومن ذلك نرى انه يرتبط في أسبابه الدافعة بالسرقة والترهيب والانتقام والتحرش والاعتداء الجنسي  الهرسلة ولا يقتصر العنف على الفضاء العام والخاص فقط بل يشمل الفضاء الافتراضي والمؤسساتي واساسا المؤسسات التربوية، ووسائل الإعلام والفضاءات السياحية والترفهية.  

وغالبية مرتكبي أعمال العنف كانوا من الرجال، ومثلوا 93% من المعتدين. في حين تم تسجيل نحو 4% من اعمال العنف في شكل مختلط، وارتكبت النساء 2% فقط من أحداث العنف المرصودة.  

أما بالنسبة للمعتدى عليهم/ هن، لم يستثنى من حالات العنف المسجلة ايا من الجنسين. ومثل الرجال 57% من المعتدى عليهم وبلغت نسبة النساء 34% في حين كان العنف مختلط في في نحو ال 9%  من الاحداث المرصودة.  

وبلغ العنف في شكله الفردي 46.5% من العنف المسجل خلال الثلاثة أشهر الاخيرة للسنة في حين كان حجم العنف المختلط  نساء ورجال في حدود ال 53.5%.  ويتخذ العنف الجماعي شكل العدوان والسرقة، لأغراض اقتصادية، أو بغرض الاحتجاج او الانتقام. في حين يشمل العنف بين الأفراد، العنف الجنسي والقتل بالإضافة إلى الاعتداء، والسعي الى الهيمنة.