احتفال فرع القيروان باليوم العالمي للمياه
بقلم : سوسن الجعدي رئيسة المنتدى فرع القيروان
احتفاءًا باليوم العالمي للمياه الذي أقرته الأمم المتحدة منذ سنة 1993,نظم فرع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالقيروان مجموعة من الأنشطة موجهة للطلبة بهدف تحسيسهم باهمية الحفاظ على الموارد المائية و بضرورة التسريع بتنفيذ سياسات من شانها تكريس ادارة مُستدامة للموارد المائية في بلادنا ،الى جانب تقديم لمحة تاريخية حول تقنيات التحكم في مصادر المياه و طرق توزيعها في جهة القيروان .
و لا يخفى على أحدٍ اليوم حالة الفقر المائي الذي تعيشه تونس و التي تفاقمت مع التغيرات المناخية التي تسارعت وتيرتها دون ان يُرافق ذلك تغييرًا في السياسات الوطنية المتعلقة بترشيد استعمال المياه و تسريعًا في العمل من اجل ا دارة مستدامة للموارد المائية.فاليوم لا يحصل 300 الف ساكن/ة في تونس على حقهم في المياه ،منهم 60 الف مواطن/ة في جهة القيروان يعانون العطش،الى جانب عدد كبير من المدارس و مراكز الصحة الاساسية ،فعلى سبيل المثال تفتقر 1415 مدرسة من مجموع 4585 الى مصدر آمن للمياه. و قد وقع رصد ما يقارب 110 انقطاعًا للمياه في شهر فيفري و اكثر من 11 تحركًا احتجاجيًا للمطالبة بالحق في الماء .
و اذ نجدد دعوتنا الى ضرورة بعث وزارة مستقلة تُعنى بادارة مستدامة للموارد المائية بالبلاد و الى بعث هيكل عمومي يُعنى بتوزيع المياه في الوسط الريفي ،فاننا ننبه الشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه “الصوناد”الى ضرورة المراقبة الدورية لِجودة المياه التي تقوم على توزيعها و مدى مطابقتها للمواصفات التونسية و اهمية الشفافية في خطتها التواصلية مع عموم المواطنين،حتى تكون فعلًا آمنة على صحة الانسان و حياته.هذا الى جانب ضرورة صيانة و تحديث قنوات توزيع المياه التي تؤثر سلبًا على جودة المياه .كما لا يُعقل ان تُهدر 40%من المياه بسبب تقادم شبكة الربط في بلد يعاني شحًا للمياه!
و في نفس السياق ،اكد مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الانسان في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، بيدرو أروخو أغودو، الذي تابعنا معه زيارته لجهة القيروان ان 57% من سكان تونس، يحصلون على مياه شرب غير آمنة، في تقريره الصادر في جويلية 2022 .
المهم بالنسبة لنا اليوم هو ضرورة تحيين الاطر القانونية المتعلقة بحوكمة الموارد المائية بالبلاد بطريقة تشاركية،لا سيما مجلة المياه الصادرة منذ سنة 1975 و التي وقع طرح ضرورة تحيينها منذ سنة 2009.و قد نددنا مؤخراً في المنتدى بالتمشي الاحادي الذي اتخذته السلطة سعيا لتمرير نسخة جديدة لمجلة المياه و لفرض قرارات فوقية دون التشاور مع الخبراء و منظمات المجتمع المدني و النشطاء الاجتماعيين .علمًا و انه قد قمنا في المنتدى بصياغة عديد المقترحات و البدائل التي ضمناها في مقترح لتعديل مجلة المياه و قد قمنا بذلك بطريقة تشاركية اخذنا فيها بعين الاعتبار البعد الاجتماعي للمياه و اهمية العمل من اجل استغلاله بطريقة فيها اكثر عدالة بين الجهات و الفئات الاجتماعية ،كما قدمنا عديد الاقتراحات المعلقة بتنمية مستدامة للموارد المائية رافضين التوجه الى خوصصة هذا القطاع الحيوي و وضع حدٍ للاستغلال المفرط لمواردنا الشحيحة من قبل المستثمرين و هو ما فاقم حالات الاحتقان و الاحساس بالغبن من قبل تونسيين و تونسيات لازالوا يشربون مياه الاودية و يتكبدون عناء التنقل لجلب المياه او يتزودون من باعة متجولين مياهً يصعب الحسم بانها آمنة على صحتهم و حياتهم.
و إذ نذكر بان الحفاظ على استدامة الموارد المائية بتونس هي مسؤولية الجميع وهي حق لنا و للاجيال القادمة ،فإننا نؤكد على اهمية فتح حوار مجتمعي حول مجمل هذه القضايا و ضرورة تشريك كل الاطراف من مجتمع مدني و سياسي و نشطاء و خبراء و هياكل مهنية لبلورة السياسات المائية في السنوات المقبلة و اعتماد الشفافية و التشاركية في سن القوانين .
وحتى بعد انتخاب البرلمان الجديد ، والذي سيكون له صلاحيات محدودة ، في وضع استثنائي استمر طويلا ، ودون هامش كبير من السلطة التنفيذية ، فاننا لا نرى انه سيكون هناك نقاشا كبيرا ، خاصة وان كل المجتمع المدني والاحزاب السياسية والنخب ، كلها غير مدعوة للحوار حول هذا الموضوع الحيوي الذي سيكون له بليغ الأثر على حياة التونسيين/ات و مستقبلهم ،فمسالة الامن المائي و الحوكمة المستدامة لمواردنا هي التحدي الاكبر لتونس في السنوات القادمة و يجب التسريع في وضع استراتيجية وطنية بعيدة المدى لمواجهة التحديات الراهنة .
اعتماد مقاربة تشاركية و فتح حوار مجتمعي من اجل لتحيين التشريعات حتى تواكب التطور الديمغرافي و التغيرات المناخية .