إضراب عُمّال مناجم قفصة: حُقوق هادرة وسُلطة جاحدة

إضراب عُمّال مناجم قفصة: حُقوق هادرة وسُلطة جاحدة

خالد طبابي: باحث في علم الاجتماع

مقدمة

عاشت القرى المنجمية من ولاية وقفصة يوميْ 25 و26 ديسمبر 2024 على وقع إضراب عماليّ منجميّ بالأقاليم الأربعة (الرديف-المتلوي-المظيلة-أم العرائس) وذلك بتأطير المنظمة النقابية التونسية –الاتحاد العام التونسي للشغل-. وقد سبِق هذا الإضراب بعض التحركات الاحتجاجية العمالية وسلسلة من المفاوضات بين شركة فسفاط قفصة والدولة والطرف الاجتماعي النقابي. ومن الوهلة الأولى، يبدو وأنّ الأزمة السوسيو اقتصادية وحالة الهشاشة التي يعيشها عمّال المناجم في سياق انكماش الدولة وضعفها وعجزها في حل المشاكل الاجتماعية هي أحد العوامل التي عبّدت الطريق نحو الاضراب العمالي. لذلك يبحث هذا المقال عن الأسباب البنيوية التي أدت إلى تشكل ديناميكية النزاع واستمراره رغم عودة إنتاج ووسق الفسفاط، حيث نتفحص في فرضية مفادها بأنّ الأزمة الحالية هي أزمة تاريخية وبنيوية وليست عارضة أو مؤقتة، وأنّ معالجتها لا تكمن في حلول تقنية أو تكنوقراطية وإنما في مشروع إصلاحات سياسيّة راديكاليّة وتطوريّة تحملها النخب من الداخل وذلك في إطار مشروع كبير وعقد اجتماعي وسياسي هدفه تغيير المجتمع.

  • الحوض المنجمي: أزمة تاريخية وبنيوية أم عارضة ومؤقتة؟
  • شركة الفسفاط: سردية استعمارية للنهب والإذلال

منذ أن توصّل فيليب توماس سنة 1885 إلى اكتشاف الفسفاط بجبال قفصة وتمغزة على مساحة تمتد على ثمانين كيلومترا من جبال الثالجة حتى ميداس، تربّع المستعمر الفرنسي آنذاك تحت مسمى “شركة صفاقس-قفصة” على أراضي شبه البدو من التونسيين مُستعملا كلّ الحيّل القانونية والجرائم الاستعمارية، حيث تمّ تجريد حوالي مائة ألف بدوي من حقهم التاريخي وغير القابل للتصرف[1] بغاية مصادرة الأراضي واستباحتها وتحويلها لصناعة استخراجية فسفاطية.

في ذلك السياق، تشكلت البروليتاريا المنجمية، فقد كانت كل الامتيازات المهنية والاقتصادية والمعيشية والصحيّة والثقافية والرياضية مُوجهة للإطارات الأوروبية وخاصة منها الفرنسية، وكان أغلب العُمال التونسيون والجزائريون والليبيون والمغاربة يَشتغلون بين الجبال الرواسي وتحت التُراب ويقطنون في الأكواخ وتحت الخيام.

ولتلخيص هذه المشهدية التاريخية القاتلة، يُشبه الفرنسي بول فينياي دوكتون مدن الحوض المنجمي على أنها “معتقل”، حيث يقول: “أيّها الداخلون الأرخبيل السجني بقفصة اتركوا آمالكم خارج الباب”،[2] واصفا شركة الفسفاط بأنّها بعثت نوعا من الأرخبيل السجني والجحيم المنجمي.

  • ما بعد الكولونيالية: أي نموذج للشركة المنجمية؟

بعد الاستقلال، عملت الدولة الوطنية على توْنسة المؤسسات الفرنسية بما فيها شركة صفاقس-قفصة للفسفاط، ويُعدُّ النموذج ما بعد الاستعماري جزءا من السياق الوطني المُتميّز بظهور الدولة الحزبية القوية والمهيمنة. وبعد التوْنسة وضبط الإدارة والحراك المهني السريع والرغبة في تنويع الأصل الجغرافي للعمّال خاصّة بعد رحيل الأجانب جاءت الدعوة للعمّال من شمال وجنوب البلاد.[3] وهذا ما يُفسّر أنّ المناطق المنجمية ظلّت مناطق استخراجية بالأساس ولم تُراهن الدولة بعد الاحتلال على إحداث مرافق اقتصادية أخرى.

بعد سنة 1956، ورغم انخراط النقابات المنجمية وأغلب عمّال المناجم في معارك التحرر الوطني، استمرت المعاناة الاقتصادية والاجتماعية لعمّال شركة صفاقس قفصة. ولكن رغم الألم ظلت المؤسسة التي تغيّر اسمها في عام 1974 إلى شركة فسفاط قفصة هي الداعم الأساسي للحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية بالجهة. ولكن هذا الدور الاجتماعي المحلي سيتقلص بشكل ملحوظ انطلاقا من المنتصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي، إلى أن وجد المجتمع المنجمي “نفسه أمام كلفة إضافيّة في مواجهة اليومي وخدمات أقل جودة وإتقان لم تكن في الحسبان.”[4]

في عام 1986، انخرطت شركة فسفاط قفصة في برنامج الإصلاحات الهيكلية وذلك طبقا لإملاءات المؤسسات المالية العالمية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي المكلّفة بنشر الاختيارات النيوليبرالية. وفي هذا السياق انخفض عدد العمال بشركة الفسفاط بين سنوات 1984 و2004 من 14.259 إلى 6223 عامل في سياق وصلت فيه معدلات البطالة إلى مستوى مقلق للغاية خلال عام 2004، فقد بلغت 38.5% بأم العرائس و26.7% بالرديف و21.2% بالمتلوي و28.4%بالمظيلة.[5]

عَمِدت خُطّة التعديل الهيكلي إلى إنشاء صندوق إعادة توجيه وتنمية المراكز المنجمية سنة 1991 وذلك بغاية تمويل المشاريع الصغرى وتعويض الأعداد العمالية التي كانت تستقبلها الشركة ولكن ظلّ نشاط هذا الصندوق هامشيا، حيث استفاد منه حوالي 1500 مستفيدا اعتبروا أنّ الاعتمادات لا تلبي الحاجيات الاجتماعية،[6] عِلما وأنّ أغلب الحاصلين على تمويلات صغرى في إطار الصندوق كانت وفق منطق زبائني أو عروشي. فالرأسمالية التونسية شهدت تطورات جعلتها تمرّ من »”رأسمالية الدولة” إلى “رأسمالية تحت رعاية الدولة” ثمّ وانطلاقا من 1986 إلى “رأسمالية تحاول الانفتاح على المنافسة العالمية” وفي العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين إلى “رأسمالية محاباة ومحسوبية”.[7] «

منذ انخراطها في الإصلاحات الهيكلية، سجلت الشركة المنجمية نموا مُطردا في إنتاج الفسفاط. فإذا كان الإنتاج قد انتقل من 3.826 مليون طن في عام 1974 إلى 6.224 مليون طن في عام 1983 لينخفض مع أزمة الثمانينات إلى 5.384 مليون طن سنة 1984 وإلى 4.530 مليون طن سنة 1985[8] ليعود في الارتفاع زمن الإصلاح الهيكلي من 6 ملايين طن خلال التسعينيات ليصل إلى حوالي 8 ملايين طن سنة 2010.[9] وهكذا فإنّ انتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008[10] محيّرة حيث تشكلت في سياق ارتفعت فيها معدلات الإنتاج وقيمة الأرباح. ويمكن تفسير تلك الانتفاضة طبقاً لنظرية التبعية، “حيث تَحُول الهيمنة المتواصلة والاستغلال المفرِط والعلاقات التجارية غير المتكافئة دون التطوّر الصناعي في بلدان الجنوب، فتبقى سجينة حالة من التخلّف الدائم. ورغم استقلال تلك الدول رسمياً فهي لا تزال ترزح تحت وطأة الاستعمار السياسي والاقتصادي للمحتلّين القدامى”.[11] وبالتالي، فإن النمط الاستخراجي جعل من الحوض المنجمي منطقة واسعة من الاكتئاب مما أدى إلى تشكل التعبئة الجماعية سنة 2008، واستمرارية النزاع بعد الثورة التونسية في 14 جانفي 2011.

لقيت المشاريع الإصلاحية بعد سنة 2011 عديد الصعوبات منها صعوبة تحديد الأولويّات في المشروع الإصلاحي، في سياق واجه فيها المسار التّشريعي العديد من التحديّات وبقيت فيها الإصلاحات الجبائية والبنكيّة ومجلّة الاستثمار “تقنية يتيمة” لا يجمع بينها جامع وفي بعض الأحيان لا طعم ولا رائحة.[12]  فالإصلاحات ليست عملية تقنية أو تكنوقراطية، بل هي مشروع سياسي كبير، لا بدّ أن تحملها النخب من الداخل، لذلك “يجب أن تكون الإصلاحات منخرطة في إطار مشروع كبير وعقد اجتماعي وسياسي وجامع تحمله نخب سياسيّة وفكريّة هدفها تغيير المجتمع وبناء عقد اجتماعي جديد.”[13]

بعد سنة 2011، حافظت الحكومات المتعاقبة على نفس النماذج الاقتصادية التي تبنتها الدولة التسلطية وظلت تُراهن على سياسة الدين الخارجي غير السيادي من لدن المؤسسات المالية العالمية، وذلك في سياق أدّت فيها أحداث الثورة التونسية وبعد ذلك العمليات الإرهابية إلى خسائر اقتصادية ومالية عديدة،[14] وفي ظرفية أرهقت فيها الانتدابات “العشوائيّة” التي اعتمدت دون دراسات عملية ودقيقة ميزانية الدولة.

وفي هذه الأزمة الوطنية، تصاعدت حركات الاحتجاج المحليّة مما أدّى بالحكومات المتعاقبة إلى اعتماد حلول ارتجالية بغاية وقف غضب المحتجين، من بينها فتح مناظرات محلية في شركات البيئة والغراسة وانتدابات أخرى في مؤسسة الفسفاط في سياق تمر فيها هذه الشركة بأزمة مالية وإنتاجية دون البحث عن بدائل أخرى تتمثل في تنوّع النسيج الاقتصادي المحلي. فبين عاميْ 2010 و2013 ارتفع عدد العمّال بكلّ من شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي بنسبة 50% فقد تطوّر عددهم من 9200 إلى 14800 عاملا، كما تدفع هاتان الشركتان أجور عمّال شركات البيئة والغراسة والبستنة والذي يُقدّر عددهم سنة 2013 ب 11000 عاملا وحوالي 1500 عاملا آخرا بشركة نقل المواد المنجمية. وازدادت هذه القوى العاملة بعد خمسة سنوات من 9200 سنة 2010 إلى 23000 سنة 2017.[15]

بناء على ما سبق ذكره يتضّح بأنّ سياسية التبعية والاعتماد على نماذج اقتصادية غير متسقة أيدولوجيا وسوسولوجيا، وأنّ المعالجة الارتجالية والترقيعية هي أحد الأسباب التي أدّت إلى استمرار ديناميكية الصراع سواء كان ذلك من قِبل العاطلين عن العمل الذين اتخذوا من مقاطع الفسفاط مسرحا للاحتجاج، أو من قِبل عمَال المناجم والحركة النقابية. وبالتالي فإنّ الأزمة الحالية التي عصفت بالمدن المنجمية، هي أزمة تاريخية وبنيوية وليست عارضة أو مؤقتة ولا يمكن معالجتها بحلول تقنية أو بتحولات تشريعية فوقية دون معالجة سوسيولوجية

.

  • بعد 25 جويلية 2021: قطيعة مع الماضي أم استمرارية؟

“تِبرٌ في التّراب” هكذا وصَفَ  رئيس الجمهورية قيس سعيّد ثروة الفسفاط أثناء كلمته التي ألقاها في اجتماع مجلس الأمن القومي الذي خُصّص للنظر في ملف إنتاج الفسفاط والذي انعقَد يوم الأربعاء 26 أفريل [16]2023، مضيفا بالقول: “هناك جملة من الدراسات التي تمّ إعدادها، وتمّ تشخيص الأوضاع والنظر في الأسباب كلّها وتمّت قراءة التاريخ كله، ولا بد للحوض المنجمي أن يعود بريقه كما كان في وقت من الأوقات، يتوفر فيه كل شيء: المغازات الكبرى، الملاعب، المسارح، الحدائق العمومية… ولكن تمّ العَبث به ولا بدّ من وضع حدّ لهذا العبث”.

وفي يوم 13 جوان 2023، تحوّل رئيس الجمهورية التونسية إلى مدينة الرديف، حيث تحدّث إلى المواطنين بضرورة أن ينخرطوا جميعا في هذه اللحظة التاريخية، مع زيارته وتحدثه مع المعتصمين آنذاك بمغسلة الفسفاط بالرديف.[17]

رغم زياراته الميدانية وإقراره بتشخيص الأوضاع، لم تعرف شركة فسفاط قفصة ولا المجتمع المنجمي تحولا جذريا. حيث ظلّت القرى المنجمية غارقة في الوحل: تشكوا من البطالة واللاعدالة البيئية وهدر الموارد المائية[18] وانتشار الغبار وكثرة الأمراض وهشاشة المرافق العمومية والبنية التحتية. وهكذا فإنّ النظام السياسي بعد 25 جويلية 2021 وبعد الانتخابات الرئاسية 6 أكتوبر 2024 لم يقطع مع المقاربات الاقتصادية السابقة وعجز في إيجاد حلول تقطع مع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بالقرى المنجمية. فالخطابات السياسية الرسمية حول الحوض المنجمي وأغلب القضايا الأخرى تندرج ضمن خصائص الشعبوية الفريدة والتي من بينها اعتماد تعويذة الدلالات الفارغة أو التعويم وغياب البرامج الاقتصادية،[19] والتبعية للدوائر الامبريالية، ويتضح هذا الأخير من خلال المساعدات التنموية بين تونس والاتحاد الأوروبي، مثل بيان الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي يوم 11 جوان 2023.[20] وفي هذا السياق، لم يعرف عمّال المناجم طفرة اقتصادية سواء كان ذلك بعد سنة 2011 أو بعد 25 جويلية 2021، حيث تصاعدت مشاعر الحقرة والمظلومية بين البروليتاريا المنجمية.

  • عمّال المناجم: تضحيات وطنية وتنامي مشاعر الدونية

» إنّ الِقطَاع الوَحِيد الذِي لَمْ يَقُمْ بإضرابات بعد الثورة التونسية هو قطاع المناجم، كما لم ينقطع هذا القطاع عن العمل خلال فترة الكوفيد 19، وبالتالي من حَقِهِ اليوم أنْ يَتَمَتَعَ بِالامتِيازات الاقتصادية والاجتماعية « . هكذا يصف ويتحدث ف. أ[21] عن تضحيات عمّال المناجم في سياق انتقالي معطوب بعد سنة 2011 وبعد 25 جويلية 2021.

جدير بالذكر أنّ هذه التضحيات متجذّرة في التاريخ، فرغم الأرباح الطائلة التي حققتها الشركة فيما مضى والتي ذكرناها سابقا، ورغم دور الحركة النقابية المنجمية في معارك التحرر الوطني، ورغم التعبئة الجماعية عام 2008 والتي كانت بمثابة الشرخ الأول في صدر الدولة الاستبدادية، ظلت مؤسسة الفسفاط والسلطة السياسية بعد سنة 2011 وبعد 25 جويلية 2021 تتعامل مع العامل المنجمي والمجتمع المحلي تعاملا ريعياً أساسه الحيف والاستغلال. فالمجتمع المنجمي بعُماله ومُوَظفيه ومُواطنيه لا يتمتعون بنسبة معيّنة من أرباح الشركة بغاية تنويع النسيج الاقتصادي والنهوض التنموي المحلي، لذلك كان أحد الشعارات الاحتجاجية المرفوعة بعد سنة 2011 هو “الكَدُّ في المَناجِمِ والمَالُ في العَوَاصِمِ“. جغرافيا يقع الحوض المنجمي في الجنوب الغربي للبلاد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يقع في جغرافيا التهميش باعتبار أنّ التراب التونسي منظم بشكل غير متكافئ. فقد استفادت جهات عبر تاريخها من مشاريع التنمية بينما تركت مناطق أخرى لتدبير الفتات. وهكذا “لا يقتصر التهميش على الأفراد أو الطبقات أو الفئات الاجتماعية فحسب، بل يشمل كلّ المنطقة وكذلك الأقسام المتنوعة منه داخليا.”[22]

رغم الخطابات السياسية الرسمية بعد 25 جويلية 2021 والتي تؤكد على تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية، إلاّ أنّ عمّال المناجم يعيشون على وقع تدهور اقتصادي واجتماعي في ظرفية ظلّت فيها شركة الفسفاط أحد مؤسسات النهب والاذلال، يوضح ب.ع: » تَتَجِهُ وَضْعِيَةُ عُمًّال وإطارَات مُؤَسَسَةِ الفسفاط إلى الحَضِيض، تَخَيَّلْ وأنّ مِنْحَةَ السَّكَنِ تُقَدِرُهَا الشركة ب 25 دينار، ومِنْحَةَ الحَلِيبِ بِحَوَاليْ 6 دينارات أمّا مِنْحَةَ الحُضُورِ ب 80 مليم، مع العِلْمِ أنَّنَا نَشْتَغِلُ دُونَ مِنْحَةِ خَطَر « .[23] وهنا وجب الإشارة بالقول بأنّ الدخل الشهري للعمال يرتكز على المنح وليس على الراتب الأساسي Salaire de base، فعلى سبيل المثال فإنّ الراتب الأساسي والشهري للعمال من الصف الثالث Classe 3، وبحسب تنوّع فئاتهم وفقا للأقدمية يتراوح بين 300 و450 إلى 600 دينار.[24]

بالفكرة نفسها يضيف م. ب:» اليَوم أصْبَحَتْ وَضْعِيةُ العَامِلْ المَنْجِمِي مُزْرِية جِدا، وَهِي مِنْ بَيْنِ الأسْباب التّي أدّْت إلى الإضراب، فَفِي ظِلّ غَلاَء المَعِيشة وإنْهِيَار المَقْدِرَة الشِّرائيّة، انْتَفَضَ العَامِلُ المَنْجِمِي للنُهوضِ بِكَرامَتِهِ وبِالشَرِكَة « .[25]

علاوة على تدهور ظروفهم المعيشية، يبدو وأنّ العمل في مقاطع الفسفاط يكاد أن يكون دون ضمانات اجتماعية وصحيّة وبيئية، يوضح ح. ر: » أدْعُوا الَمْسؤُولِينَ لِزِيارة مَواقِع إستخراج الفسفاط، فعُمّال المناجم يَشْتَغِلُون في المقاطع دُونَ بَدْلَة شُغل ودُون مِرْحاض، وفِي مَا مَضى كانت الشركة تُوَفِر هذه المُسْتَحَقات، ولكن اليوم لم يَعُد هذا مُمْكِنا وأصبَح العامل المنجمي في حَالة مُزْرِيَة وهَشَّة « .[26]

أدّت هذه المعطيات في سياق عدم استجابة الإدارة العامة لشركة الفسفاط والسلطة السياسية للمطالب الاجتماعية والقطاعية للعمّال إلى تنامي الإحساس بالحقرة والدونية، يقول  إ. ح، » لَقَدْ كَانَت اسْتِجَابَة الدولة دُونَ المَأمُول، وكُنَا نَشْعُر بالحُقرة، لأنَنَا نُطالبُ بِحقوقِ مَنْهُوبَةِ فَهَذِهِ المطالب كان يَتَمَتَعُ بها الأسْلاف من عمّال المناجم، وفَجْأة لم تَعُدْ الشركة قادرة على توفير هذه الحقوق والمُستحقات، وإن تُقدِمُها الشركة لنا فهي في شَكْلِ سُلفِ (ديْن) « .[27]

إنّ استباحة كرامة العمّال وشعورهم بالمظلومية والحقرة هي أحد محفزات الاحتجاج والإضراب، حيث يُشكل مفهوم الحقرة في منظومة الفعل الاحتجاجي “النقيض الأمثل لمفهوم الكرامة والاحترام والمساواة، ويشير في المقابل إلى مفاهيم أخرى مثل الزبونية والاستبداد والفساد والرشوة والمحسوبية”.[28] لتتصاعد حالة النزاع في ظرفية تملّصت فيها سلطة الاشراف من المسؤولية الاجتماعية والسياسية.

  • التملص من المسؤولية كمحفز لتشكل الصراع

» مَاضِينَا أفْضَلُ مِنْ حَاضِرِنا … شركة الفسفاط لا تَحْتَرِمُ عُمَالَهَا ولا مُواطِنِي الجِهة، فقد تَخَلّت هذه المؤسسة عن دورها الاجتماعي…. « . بهذه العبارات يُعبّر إ. ح[29] عن واقع الشركة والجهة كلل، حيث يعتبر أنّ ما يقع اليوم يندرج ضمن تملص مؤسسة الفسفاط من دورها الاجتماعي تجاه عمالها والجماعات السكانية المنجمية.

خلال شتاء 2023، تصاعدت حالة من التوتر بين شركة فسفاط قفصة وعمالها الأمر الذي أدّى بالاتحاد العام التونسي للشغل بإصدار تنبيه بالإضراب بشركة فسفاط قفصة يوم 14 ديسمبر 2023. وخلال اجتماع اللجنة المركزية للتصالح بتاريخ 17 و23 جانفي 2024 بمقر الإدارة العامة لإدارة نزاعات الشغل والنهوض بالعلاقات المهنية، اتفق الطرف الاجتماعي –النقابي مع الإدارة العامة لشركة فسفاط قفصة بحضور وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في المدير العام لإدارة نزاعات الشغل والنهوض بالعلاقات المهنية وممثل عن وزارة الصناعة والمناجم والطاقة على مجموعة من المطالب والاتفاقيات القطاعية[30] مما ساهم في الحفاظ على السلم الاجتماعي داخل الشركة. وبعد مرور حوالي سنة فوجئ النقابيون والعمال بتراجع الشركة عن هذه الاتفاقية، يوضح ف. أ: » نَحْنُ كَطَرف اجتماعي نقابي، كُنَا دَائِما نُحَاولُ ونَبْحَثُ عن حُلُول مَعَ سُلطة الاشراف بِهَدَفِ إيجاد حُلُول جِذْرِية، وكُنَا نَعْتَقِدُ بأنّ الدولة سّتُلَبِي اسْتِحْقاقات العمّال، ولَكِنَنَا جُوبِهْنا بِتَسويف مَطَالِبِنَا مِن قِبل السُّلطة السيّاسية، ولم تّلْتَزِم شركة الفسفاط باتفاق ديسمبر   2023 وجانفي 2024« .[31]

بالفكرة نفسها، تُضيف ر.ه »  مُنذُ البِداية تَقَدمنا بلائِحة للإدارة العامة لشركة فسفاط قفصة وكانت تَحتوي على مَطالب بَسيطة جدّا وكان بإمكان شركة فسفاط قفصة أن تُلّبي هذه المطالب دون الحاجة إلى حركات تصعيدية « .[32]

تُحيل هذه الشهادات إلى فكرة مفادها بأنّ تراجع شركة فسفاط قفصة عن الاتفاقيات المبرمة بينها وبين الطرف النقابي في سياق الأزمة البنيوية التي تمر بها الشركة هي أحد العوامل الأساسية التي أدّت إلى تشكل ديناميكية الصراع، ويقول ب. ع في هذا الإطار:» جَاء هذا الاضراب بَعد أن تَرَاجَعَت شركة فسفاط قفصة عن اتفاق جانفي 2024 « .[33]

  • ما قبل الإضراب: حينما لا تستجيب السلطة السياسية لبرقية التنبيه

في يوم 13 ديسمبر 2024، راسل الاتحاد العام التونسي للشغل – قسم الدواوين والمنشآت العمومية-كلّ من وزير الصناعة والمناجم والطاقة ووزير الشؤون الاجتماعية وكاتب عام الحكومة والمدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة والمدير العام لشركة فسفاط قفصة ببرقية تنبيه بإضراب تحمل بعض المطالب والحقوق القطاعية والاجتماعية.[34] وجدير بالذكر أنّ هذه المطالب قد رفعت في سياق يعرف فيه إنتاج الفسفاط تحسنا طفيفا وإلى حدّ ما مقارنة بالسنوات الأولى بعد الثورة التونسية. فإذا كانت كميّة الإنتاج في حدود 2.3 مليون طن (م طن) سنة 2011 و2.6 م طن سنة 2012، إلاّ أنه عرف استقرار بين 3.1 و3.9 بين سنوات 2013 و2017، لينخفض إلى 2.8 م طن عام 2018 ثم إلى 3.7 م طن سنة 2019 إلى 2.8 م طن عام 2020 ثم ما بين 3.5 و3.6 م طن في سنوات 2021 و2022. مع العلم وأنّ معهد أكسفورد قد ذكر بأنّ “الحكومة التونسية لديها خطّة طموحة تهدف إلى تطوير عملية إنتاج الفسفاط. وأشار المعهد إلى أنّ وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أعلنت عبر نيّتها بلوغ مستويات عالية من إنتاج الفسفاط لتتطور من 3.7 مليون طن سنة 2022 إلى 12 مليوناً في 2025.”[35] ولكن هل يمكن تحقيق هذه الأرباح والقيمة الإنتاجية بوضعية هشّة للعمال وانسحاب من المسؤوليات والتفاف على المطالب؟

في يوم الجمعة 20 ديسمبر 2024، انعقدت جلسة اللجنة المركزية للتصالح ممثلة في الطرفين النقابي والإداري تحت إشراف المتفقد العام للشغل وبحضور ممثلين لرئاسة الحكومة ووزارة الصناعة والطاقة المناجم، ولكن الطرف الوزاري والإداري لم يستجب للمطالب العمالية المُدونة ببرقية الإضراب، توضّح ر. ه: » خِلال الجَلسة التَّفَاوُضيِة الأولى لم نُلاحظ جِديّة كَبيرة وطرحاً لحُلولِ جِذرية، الأمر الذي أجْبَرَنَا على مُقَاطعة الجلسة « .[36]

بعد فشل الجلسة الأولى، انتظمت جلسة عمل ثانية يوم الاثنين 23 ديسمبر 2023 بحضور وزير الشؤون الاجتماعية وممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة الصناعة والمناجم والطاقة والإدارة العامة للشركة، ولكن لم ترتق هذه الجلسة إلى مستوى تطلعات عمّال المناجم بالاستجابة للمطالب المذكورة ببرقية الإضراب، بل ولقيت المطالب العمالية صدّا كبيرا من قِبل المسؤولين، تقول ر. ه:» خلال الجلسة الثانية ورَغْم حِرص وزير الشؤون الاجتماعية على أن تَكُون نتائج الجلسة إيجابية مُحّمِلا الإدارة العامة المسؤولية، إلاّ أننا لَقِينا صدّا كبيرا من طَرِفِ مُمّثِلِي وزارة الطاقة والمناجم ومُمُثِلِي رئاسة الحكومة « .[37]

إنّ عدم التعامل مع المطالب العمالية والمهنية بكل جديّة وخاصة بعد بلاغ الإدارة العامة لشركة فسفاط قفصة[38] يوم 23 ديسمبر 2024 والذي اعتبره أغلب العمال بلاغا لا يستجيب لمستوى تطلعاتهم، جعل من الفاعلين الاجتماعين والنقابيين والعمال يُقيمون دور الشركة والسلطة السياسية تجاه حقوقهم تقييما سلبيا وهذا ما يؤكده ب. ع:  »حينما أقيّم دور شركة الفسفاط والسلطة السياسية تُجاه مَطَالِبنَا فأنا أقيّمه بِشكل سلبي، فهذه الأطراف لم تَنْظُر لنا من المنظور الاجتماعي والايجابي « .[39]  وبالتالي فإنّ غياب السياسات الرصينة وعدم معالجة الأزمة من منظورات تاريخية وبنيوية وسوسيولوجية وأيدولوجية هي أحد العوامل الرئيسية التي أدّت إلى تشكل الإضراب العام، حيث تلخص ر. ه بقولها: » سياسيا لم يكن هناك حِرْص من قِبِل المسؤولين على عدم دُخُول عمّال المناجم في إضراب عام، وفي الحقيقة كنت أظن بأنّ المسؤولين سّيّكُونُونَ حَريصِين على مؤسسة الفسفاط ومَكَانَتِها الاقتصادية والوطنية « .[40] وهكذا فإن جحود السلطة السياسية لمطالب العمال والنقابة وتمسك هذا الأخير بحقوقهم المهدورة وشعورهم بالضيم والحرمان هي محرك ديناميكية التمرد والإضراب، ويتبيّن هذا من خلال شهادة ف. أ:» نحن اليوم صَامِدُون إلى أن تَتَحَقَقَ كُل المطالب والاسْتحقاقات العُمالية « ،[41] ويتضح أيضا من خلال البيان التوضيحي الذي أصدرته الجامعة العامة للمناجم بعنوان: “لماذا يُضرب أعوان شركة فسفاط قفصة يومي 25 و26 ديسمبر 2024″، في يوم 23 ديسمبر 2024.[42]

  • الإضراب العام: ذخيرة الجمباز الثوري

قبل الإضراب العام، شنّ بعض العمّال ومن بينهم عمال مناجم الرديف بعض التحركات الاحتجاجية بالمقر الاجتماعي المحلي لشركة الفسفاط، كما أرسلت الحركة النقابية الجهات والسلطات المسؤولة برقية تنبيه بإضراب سواء كان ذلك في ديسمبر 2023 أو ديسمبر 2024. ولكن في سياق عدم الاستجابة للحقوق المهدورة، وبعد نفاذ الذخائر الاحتجاجية الأخرى، شنّ العمال تحت تأطير منظمتهم النقابية الإضراب العام. لذلك غالبا ما تكون هذه الذخيرة آخر الأشكال النضالية، حيث يتشكّل الإضراب العام بعد أن تثبت الأشكال الأخرى عدم فعاليّتها، وبعد أن ترفض السلطات السياسية مطالب النقابة والمحتجين.

كما تَشكل هذا الإضراب بعد أن أدرك قادة الاحتجاج بأنّ هذا الشكل النضالي سيلتف حوله العديد من العمال والموظفين، ويتضح هذا من خلال مداخلة ريم هلال يوم التجمع العمالي بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة يوم 26 ديسمبر 2024: » اليوم أنا متأكدة بأنّ هناك صَحْوة وفَزْعَة من قِبِل عمّال المناجم [43]« . ويتشكل الإضراب أيضا بعد أن يدرك النقابيون بأن هذه المرفولوجيا الاحتجاجية ستنال قدرا معيّنا من التغطيّة الإعلامية والمساندة القطاعية والحقوقية.[44] وهكذا فإننا نتحدث عن هذه الذخيرة باعتبارها “الجمباز الثوري[45]، والتي تتطلب مهارات ودراية هدفها التعبئة وتحقيق المطالب.

خلال يوميْ الإضراب، يتضّح أنّ النقابيين وعمال المناجم لديهم وعي واضح بالأداء المشترك، حيث يمكن تسميته بـ “الرجوع إلى الأفعال السابقة من نفس النوع” وإظهار معرفة معيّنة في تنفيذها من خلال اعتماد أشكال تقسيم العمل التي تنطوي على الخبرة وتظهر القدرة على تنفيذ العديد من الأفعال في وقت محدد وبطريقة منسقة وتظهر ملاحظة التفاعلات بين المنظمين والمشاركين بوضوح هذا “الوعي المشترك للأداء”.[46]

ويمكن تفسير هذا الوعي المشترك من خلال المقاربة السوسيو تاريخية والذاكرة الجماعية. تعود ذخيرة الإضراب العام في المجتمع المنجمي إلى سياقات تاريخية. فمنذ تأسيس الشركات المنجمية، نظّمت القوى العمالية والنقابية عديد الإضرابات العامّة والمحليّة[47]. وفي سياق الدولة التسلطيّة عاشت مدينة الرديف خاصّة سنة 2008 بعض الإضرابات العامة المحلية والقطاعية، وكما استمر هذا الشكل النضالي بعد 14 جانفي 2011 خاصة بمدينة الرديف وهكذا فقد “فرض الإضراب نفسه تاريخيا كقطعة أساسيّة في الذخيرة المعاصرة للفعل الجماعي والنقابي، فذاكرة النضالات السابقة المنقولة عبر المنظمات النقابية تفرض نفسها كشروط لترجمة مظالم العمّال في إطار للفعل الجماعي”.[48]

  • على سبيل الخاتمة

إنّ الأزمة البنيوية والتاريخية التي تعيشها شركة فسفاط قفصة في سياق انكماش الدولة وعجزها في حل المشاكل الاجتماعية والوطنية عوامل ساهمت في تردي الظروف المعيشية والصحية والنفسية لعمال المناجم وتنامي الشعور بالدونية والمظلومية. الأمر الذي أدّى إلى تشكل ديناميكية الصراع والإضراب العام واستمرار الفضاء الجغرافي المنجمي كمسرح للاحتجاج حتى بعد عودة إنتاج ووسق الفسفاط.  وهكذا، فإنّ اعتبار غلق مواقع الإنتاج من قبل المحتجين أو تنفيذ الإضراب العام من قبل العمال والنقابيين هو تهديد للاقتصاد والمصلحة الوطنية ما هي إلاّ شعارات ودعاية يمينية وشعبوية عاجزة عن تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.

إنّ مفهوم الإستخراجية الذي تم استخدامه لأول مرة لوصف مرحلة جديدة من التنمية القائمة على استخراج وتصدير الموارد الطبيعية في أمريكا اللاتينية، يوصف بأنه عملية استغلال للطبيعة، وتعاد صياغة التصدير على أنه “نزع الملكية” و”الاستغلال”. ويعتبر ما يسمى “العوامل الخارجية السلبية” للشركات بمثابة هجمات بيئية ومادية وثقافية ورمزية.[49]

إذن، فإن اعتماد النهج الاستخراجي قد جعل من عمال المناجم والجماعات السكانية المحليّة ضحية تلك الصناعات، الأمر الذي يتعارض تماماً مع مفهوم العدالة الاجتماعية نظراً إلى مخلّفاتها الكارثية على المستويين الاجتماعي والبيئي. ويمكن القول أيضاً إنّ هذه المقاربات أنشأت ما تسمّيه نعومي كلاين[50] »”مناطق التضحية”، وهي مناطق يتمّ تخريبها عبر النشاط الاستخراجي والمعالَجة الكيميائية على حساب صحّة وأراضي ومياه متساكنيها، الأمر الذي يتناسب مع الطابع العنصري للرأسمالية «.[51]

الملحق رقم 2

برقية تنبيه بإضراب

 

الملحق رقم 4: لماذا يضرب عمال أعوان شركة فسفاط قفصة يومي 25 و26 ديسمبر

2024

[52]

[1]  لمزيد القراءة يمكن للقارئ العودة إلى: حفيظ طبابي، عمّال مناجم قفصة في العهد الاستعماري، الدار التونسية للكتاب، تونس، 2015.

[2] بول فينياي دكتون، جرائم الاستعمار الفرنسي في عهد الجمهورية الثالثة عرق البرنوس، تعريب: الأزهر الماجري، المغاربية للطباعة والإشهار، تونس، 2008، ص 225.

[3] عائشة التايب، التحولات الحضرية بمناطق الاستغلال المنجمي بالمغرب العربي: المناطق المنجمية بالجنوب التونسي مثالا، المجلّة الجزائرية في الأنثربولوجيا والعلوم الاجتماعية، إنسانيات، عدد 42، 2008.

[4] المنجي حامد، مفارقات التنمية في الحوض المنجمي، مجمع الأطرش، تونس، 2021، ص 136.

[5] Zouheir Ben Jannet « Jeunes, Etat et dynamique de la révolution en Tunisie. Enquête dans le Bassin-Minier de Gafsa », in, Christiana Constantopoulou (S/D), Récits de la crise : mythes et réalités de la société contemporaine, collection logiques sociales, Paris, l’Harmattan, 2017, pp 277- 302. P 284.

[6] Amine Allal, « Réformes néolibérales, Clientélismes et protestations en situation autoritaire. Les mouvements contestataires dans le bassin minier de Gafsa En Tunisie (2008 », Politique africaine 177, n0. 1 2010, pp 107- 125. P 118.

[7] بكّار غريب، مسألة منوال التنمية البديل، في حركية المجتمع التونسي في عشرية الثورة بين  »إرادة الحياة «  و  »استجابة القدر « ، تقديم: المولدي قسّومي، تونس، دار محمد علي للنشر، 2020، ص 139- 146، ص 144.

[8] محمد الجديدي، الموارد الطاقية والمنجمية عامل للاندماج الاقتصادي التكاملي المغاربي، آفاق ومراحل بناء المغرب العربي، الجامعة التونسية، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، سلسلة علم الاجتماع، عدد 14، تونس 1989. ص 11-59، ص 43.

[9] عبد الجليل البدوي، التشغيل والتنمية بولاية قفصة. الواقع والآفاق، منشورات الاتحاد العام التونسي للشغل، تونس، 2010، ص 80.

[10]  انطلقت هذه الانتفاضة منذ شهر جانفي إلى جوان 2008، وانتهت بحملة واسعة من الاعتقالات وسقوط للشهداء والجرحى، ولكن تواصل النضال أيضا بعد الاعتقالات من قِبل العديد من الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين بغاية رفع الحصار الأمني عن مدينة الرديف وإطلاق سراح المساجين. لمزيد القراءة يمكن للقارئ العودة إلى: حفيّظ طبابي، انتفاضة الحوض المنجمي بقفصة (2008)، الدار التونسية للكتاب، تونس، 2012.

[11]  حمزة حموشان، النمط الاستخراجي ومقاومته في شمال أفريقيا، المعهد الدولي – ترانس ناشونال، 2019، ص 7.

[12] حكيم بن حمودة، شجون وخواطر اقتصادية، دار محمد علي للنشر، صفاقس، 2018، ص57، 58.

[13] المرجع السابق، ص 63.

[14]  لمزيد الاطلاع حول تكاليف الثورة التونسية أو حول الكلفة الاقتصادية للعمليات الإرهابية يمكن للقارئ العودة إلى:

– عبد المجيد بلهادي، الثورات العربية، أي تكاليف؟ (17 ديسمبر 2010-27 نوفمبر 2011)، في ثورات مقاربات ومقارنات (القرن التاسع عشر-القرن الواحد والعشرون)، تنسيق وإعداد: الحبيب بلعيد وقمر بندانة وسهام الكشو، المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، جامعة منوبة، تونس 2014، ص 83-106.

– عبد المجيد بلهادي، الكلفة الاقتصادية للعمليات الإرهابية في تونس (2011-2015)، في الإرهاب والترهيب في تونس، دراسة في الوضعيات الراهنة، إشراف وتقديم: عميرة عليّة الصغيّر، المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، جامعة منوبة، 2017، ص 137-154.

[15] Mahmoud Ben Romdhane, Tunisie : La Démocratie en quête d’Etat, Sud Editions, Tunis, 2018. P 163.

[16]  إشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد على اجتماع مجلس الأمن القومي | رئاسة الجمهورية التونسية

[17]  زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى الرديف من ولاية قفصة | رئاسة الجمهورية التونسية

[18]  العطش في القرى المنجمية | Legal Agenda

[19]  لمزيد القراءة حول خصائص الشعبوية يمكن للقارئ العودة إلى:

Ridha Boukrra, « Populisme et crise de la démocratie », In Hamdi Ounaina, (Eds), L’histoire sociale de la sociologie, Tunis, Sfax, Med Ali Edition, 2021.

[20]  بيان مشترك بين تونس والإتحاد الأوروبي | رئاسة الجمهورية التونسية

[21]  مقابلة مباشرة أجريت يوم 25 ديسمبر 2024 بدار الاتحاد المحلي للشغل بالرديف مع ف، أ، عضو الفرع الجامعي، قطاع المناجم.

[22] Stefano Pontiggia, Revolutionary Tunisia, Inequality, Marginality And Power, Lexington Books, Lanham, Maryland, 2021, p 6.

[23]  محادثة عبر شبكات التواصل الاجتماعي أجري يوم 25 ديسمبر 2024، مع ب. ع، عامل بمنجم المظيلة، منخرط في الاتحاد العام التونسي للشغل وناشط مدني وسجين انتفاضة الحوض المنجمي 2008.

[24]  معلومة أفادنا بها ي. ل. الكاتب العام للفرع الجامعي للمناجم.

[25]  مقابلة مباشرة أجريت يوم 25 ديسمبر 2024 بدار الاتحاد المحلي للشغل بالرديف مع م. ب، كاتب عام النقابة الأساسية للمنجم السطحي بالرديف.

[26]  مقابلة مباشرة أجريت يوم 25 ديسمبر 2024 بدار الاتحاد المحلي للشغل بالرديف مع ح. ر، عضو نقابة أساسية بمنجم الرديف.

[27]  مقابلة مباشرة أجريت يوم 25 ديسمبر 2024 بدار الاتحاد المحلي للشغل بالرديف مع إ. ح، عضو النقابة الأساسية للمنجم السطحي بالرديف.

[28] الحبيب استاتي زين الدين، الفعل الاحتجاجي في المغرب وأطروحة الحرمان النسبي: في الحاجة إلى تنويع المقاربات التفسيرية، عمران للعلوم الاجتماعية والإنسانية، عدد 22، المجلّد السادس، خريف 2017، ص 165-186، ص 171.

[29]  مقابلة مباشرة مع إ. ح، سبق ذكره.

[30]  أنظر الملحق رقم 1.

[31]  مقابلة مباشرة أجريت مع ف. أ، سبق ذكره.

[32]  محادثة عبر الهاتف أجريت يوم 25 ديسمبر 2024 مع ر. ه الكاتبة العامة للجامعة العامة لعمال المناجم.

[33]  محادثة مع ب. ع، سبق ذكره.

 [34]  أنظر الملحق رقم 2.

[35]  جريدة الصباح نيوز – ضحية الفساد وسوء الحوكمة .. الفسفاط ثروة تونس المهدورة

[36]  محادثة مع ر. ه، سبق ذكره.

[37]  محادثة مع ر. ه، سبق ذكره.

[38]  أنظر الملحق رقم 3.

[39] محادثة مع ب. ع، سبق ذكره.

[40]  محادثة مع ر. ه، سبق ذكره.

[41]  محادثة مع ف. أ، سبق ذكره.

[42]  أنظر الملحق رقم 4.

[43]  من مداخلة وكلمة ريم هلال الكاتبة العامة للجامعة العامة لعمال المناجم وذلك خلال التجمع العمالي بدار الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة يوم 26 ديسمبر 2024.

[44]  لقي الإضراب العام الذي شنّه عمال المناجم بعض التغطية الإعلامية ومساندة من قبل العديد من القطاعات المهنية والنقابات الأخرى من خلال برقيات وبيانات المساندة، ولقي أيضا مساندة من قبل بعض المنظمات غير الحكومية مثل بيان المساندة الذي أصدره المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فرع الحوض المنجمي يوم 25 ديسمبر 2024، أو برقية المساندة التي أصدرتها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع قفصة يوم 26 ديسمبر 2024.

[45] Baptiste Giraud, Grève, Dictionnaire des mouvements sociaux, In Olivier Fillieule et al…, Presses de Sciences, 2009, pp 256- 262. P 258.

[46] Olivier Fillieule, Tombeau pour Charles Tilly. Répertoires, performances et stratégies d’action, In Eric Agrikoliansky et al, Penser les mouvements sociaux, La Découverte, Paris, 2010, pp 77 – 99.P 82.

[47]  لمزيد القراءة يمكن للقارئ العودة إلى: حفيظ طبابي، عمّال مناجم…، مرجع سابق.

[48] Baptiste Giraud, Op.Cit. P 256, 258.

[49] Mathilde Allain, Antoine Maillet, « Les mobilisations autour de l’extractivisme. Circulation et potentiel heuristique d’un concept en voie de globalisation », Revue Internationale de Politique Comparée, Vol. 28, n° 3-4, 2021, p 10.

[50]  صحفية سياسية وكاتبة ومؤلّفة أفلام تسجيلية كندية.

[51]  حمزة حموشان، مرجع سابق، ص 6، 7.

[52]  نرصد في عنوان البيان خطأ مطبعيا والمتمثل في سنة 2025، في حين أنّ الإضراب هو يومي 25 و26 ديسمبر 2024.

تسجيل الدخول إلى Al-Forum

أنشئ حسابك

نحن نستخدم كوكيز

نحن نستخدم ملفات الكوكيز لجعل تجربتك أفضل